ملتقى شباب العالم



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى شباب العالم

ملتقى شباب العالم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى شبابي عام

بشرى سارة (( منتدى مملكة الحرية يعود إليكم من جديد بحلته الجديدة و بإدارته المتجددة وبأعضائه المتميزون )) فأهلاً ومرحباً بكم أخواني وأخواتي على أرض مملكة الحرية التس تحرسها القلوب المؤمنة
أهدي تحياتي إلى جميع مشرفي وأعضاء وزوار منتدى مملكة الحرية
أهدي تحياتي وسلامي لكل من شارك ببناء ورقي هذا المنتدى الثقافي (( منتدى مملكة الحرية))

    كيف نعد اطفالنا للمستقبل

    bassam65
    bassam65
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي


    عدد المساهمات : 762

    كيف نعد اطفالنا للمستقبل Empty كيف نعد اطفالنا للمستقبل

    مُساهمة من طرف bassam65 الجمعة نوفمبر 06, 2009 10:16 am

    كيف نعد أطفالنا للمستقبل (1)

    عبد الكـريم عليــان

    عضو صالون القلم الفلسطيني



    سألني أحد أصدقائي المعلمين : إننا المدرسة والمدرسين نعلم كل شيء من الأخلاق والقيم.. إلى المعارف والعلوم، لكن النتائج تأتي غير ذلك.. أو غير المرغوب فيها؛ فالقيم والأخلاق تكاد تكون مدمرة إلى غير ذلك.. وكلمني عن تفاصيل وسلوكيات غير مرغوب فيها.. بالتأكيد كل تلك المظاهر من فساد وغش وكذب وخوف ..إلخ لم نعلمها في مدارسنا، وبالعكس تماما.. إذن ما الذي يجري؟ هذا بالتأكيد يدفعنا للسؤال التالي : هل نحن نعلم، أم نربي؟؟ في مشاركتي لإحدى جنازات الشهداء في المخيم، جذب انتباهي: أحد الفتيان (لم يتجاوز عمره 16 عاما) كان يحمل سلاحا ويطلق الرصاص في الهواء.. عمر الطفل كان يثير في نفسي تساؤلات عديدة.. همست لمن كان بجانبي بأننا سنحتاج وقتا كبيرا لتعديل سلوك أطفالنا، وقد لا ننجح.. ما هي إلا لحظات حتى كان بعض المصورين الأجانب يلتقطون صورا للطفل.. اختاروه من بين العدد الكبير من المسلحين الذين شاركوا في الجنازة..
    أكثر من طفل في المستوى الابتدائي أكدوا لي أن بعض المعلمين يضيعون وقت حصصهم في كلام السياسة، وأن أحدهم سأل تلاميذه عن انتمائهم السياسي.. بعدها سلط ضربه وغضبه لفئة من تلاميذ الصف لأنها تناصر، أو تنتمي لحركة سياسية..!؟ كم من المعلمين يملكون الزاد الكافي ليكونوا معلمين حقيقيين؟ وكم من المعلمين مقتنعين بأن لدى التلاميذ ما يتعلمونه منهم، مثل ما لديهم ما يعلمونه لهم؟ وكم من المعلمين عندما يخطئ يعترف بخطئه أمام تلاميذ؟ أسئلة كثيرة.. التغافل عنها غفلة لها ثمن جد باهظ! والاهتمام بها يؤدي إلى نتائج أعظم ما فيها أنها تفاجئنا بالاحتمالات غير المتوقعة التي كانت في مستوى الأحلام، بل يتجاوزها أيضا.. علينا أن نعترف أن المجتمع بأفراده ومؤسساته مسؤول عن الولادتين: ولادة الفرد البيولوجية، وولادته الثقافية.. وإن كانت الولادة الأولى ذات طابع بيولوجي تنتج كائنا حيا؛ فإن الولادة الثانية (الثقافية) تحوله من مجرد كائن حي إلى كائن ثقافي.. وهذا يدفعنا للقول: إن رعاية الطفل ليست نوعا من التفضل أو فعل الخير، أو من قبيل الإحسان، ولا عملا من أعمال التظاهر الاجتماعي؛ وإنما هي وظيفة اجتماعية تبدأ بالإنجاب، ثم الرعاية، ثم التحويل إلى عضو عامل في المجتمع، لكن هل ندرك معنى الطفولة حقا؟ وهل نتعامل مع الطفل (هذا الكائن المقموع) تعاملا سليما؟!
    هذا ما نستطيع نفيه بوضوح استنادا إلى الممارسات اليومية التي تمارس بحقه، سواء داخل الأسرة أو المجتمع أو المؤسسات التربوية؛ فهو يعاني من تربية غير مدروسة في أسرته، ثم يتعرض لمؤثرات المجتمع، وهو لم يتمتع بالحصانة الكافية، ولا بالنمو العقلي السليم، الأمر الذي ينعكس سلبا في ضعف قدراته على المحاكمة والتصور والتعميم والتجريد والتركيب والتحليل والتذكر وما إلى ذلك… وبعد ذلك يواجه المؤسسة التربوية غير المجهزة تماما سواء في مواصفاتها المادية، أو في أطرها التعليمية والتوجيهية.. هنا وفي هذه العجالة من الأمر، لا يمكننا إضاءة نقطة صغيرة في عالم التربية الكبير والمعقد التركيب؛ إلا أننا سنحاول تسليط الضوء على عوامل تنشئة الطفل وما يحيط به ويؤثر في ثقافته، وثمة أمور يمكن جمعها ضمن جانب معين لأنها تكون متقاربة، فمن علاقة الطفل بالغة والقراءة والتعليم وتنمية المهارات… إلى أثر أدب الأطفال ومطبوعات الأطفال والتلفزيون والألعاب، إلى أنواع التربية التي يتعرض لها بشكل مباشر، سواء أكانت تربية دينية أو قومية أو اجتماعية أو فكرية أو صحية أو جنسية، في البيت أو الشارع أو المدرسة..؟ (العرض هنا لإثارة الأسئلة أكثر من كونه إجابة لأسئلة ـ كما بدأنا ـ فإدراك أهميتها أكثر أهمية من تحديدها كعلل لها وصفة وعلاج معينين ..)
    الطفل واللغة

    تتجلى أهمية اللغة بالنسبة للطفل من خلال أهميتها في حياتنا كراشدين، فاللغة هي مفتاح تواصلنا عبر المكان والزمان، إنها ذاكرتنا الجماعية ومخزن مفاهيمنا وقيمنا ورؤانا وآفاقنا، ومصدر انتمائنا الاجتماعي والثقافي، هي التي تحفظ الخبرة عبر الأجيال، من الماضي عبر الحاضر إلى المستقبل، ويكتسب الفرد باكتسابها معظم ما يجمع شخصيته مع مجتمعه، وهي ذات تأثير كبير على حياة الفرد منذ نشأته، بما تشكله من حوافز لقدراته العقلية التي تنعكس على مجمل جوانب شخصيته، وبالتالي تنعكس على حياته على امتدادها، وبقدر تمكنه منها، بقدر ما يكون قادرا على التواصل مع المحيط، وطرح تصوراته، والإفصاح عن حاجاته ورغباته، وتعليل وتفسير مواقفه وآرائه، إضافة إلى استقبال هذه الأمور مع الآخرين، وكلما تمكن الفرد منها في عمر أصغر، كلما كان أكثر تميزا ونجاحا في حياته، وأكثر قدرة على التكيف والتفاهم والإقناع، وكلما تأخر في اكتسابها، كلما انعكس الأمر عليه سلبا، فيكون أقل قدرة ونجاحا، وهو بأسئلته وملاحظاته وإجاباته وتتبعه السمعي البصري (لاحقا) يكتسب معظم الجوانب الثقافية التي تكون شخصيته، إذ أننا ـ كبشر ـ لا نستطيع أن نفكر في شيء لا تسمح به كفاءتنا اللغوية، كما أننا لا نستطيع التفكير فيه فنحن محكومون إلى مدى معين في أفكارنا وأفعالنا باللغة التي نعرفها. اللغة بطبيعتها ونوع تراكيبها ودلالاتها تدل على الفرد وثقافته ونوع التربية التي خضع لها، وكذلك تدل على المجتمع ومفاهيمه وقيمه، فالكاتب أو الممثل يتقمص دور شخصية ما؛ فإنه يكون حريصا على تمثل لغة هذه الشخصية في مستواها ومجالها الاجتماعي، وكلما أفلح في هذا التمثل كلما كان أكثر إقناعا وصدقا..
    واللغة التي يكتسبها الطفل لن تكون حيادية، إنما توجهه وتزوده بالمفاهيم السائدة وطرق التفكير المعتمدة سواء أكان هذا الاعتماد مقصودا أم عفويا.. هذا يعني أن الطفل يتأثر باللغة وكذلك معارفه تؤثر في لغته، وهذا التأثير المتبادل بين المعرفة واللغة أمر في غاية الأهمية، ويؤكد أن تكون أهمية اللغة بمفرداتها وتراكيبها ومفاهيمها سليمة لتكون التربية سليمة، وكذلك يؤكد أن سلامة التربية تعني أن الطفل يكتسب لغة سليمة.
    في الواقع العربي الذي نحن جزء منه، تشكل اللغة أزمة حقيقية للتربية، وهذه الأزمة غير عائدة للغة العربية وطبيعتها، وإنما تعود إلى طبيعة تعامل الفكر العربي (التربوي خاصة) مع اللغة، إضافة إلى ما يشكله الواقع من عقبات في وجه هذه اللغة، ويمكننا إجمال هذه الأزمات في النقاط التالية:
    1. اللغة الفصحى والعامية: الطفل منذ نشأته يكتسب لغة ويعايشها بشكل دائم ويبني تصوراته من فهم للوجود وانتمائه للجماعة، ثم يفاجأ أن لغة أخرى تزاحم لغته هذه، وإن كان يحس أحيانا بما يربطهما، إلا أن اللغتين تبدوان متناقضتين أو مختلفتين كل الاختلاف أحيانا، مثال: (ذهب الطفل إلى والدته الجالسة قرب النافذة .. ) راح الولد لعند أمو القاعدة جنب الشباك.. في العامية المصرية راح الواد لعند مامته الآعدة كنب الشباك.. وفي عامية دول الخليج راح العيل عند أمه الكاعدة حد الشباج..إلخ . هذه الأمثلة توضح مدى غرابة الفصحى على الطفل، فإما أن نلجأ إلى تعليمه إياها على أنها لغة ثانية أو نحاول تدارك الفصحى وإشاعتها بدلا من العامية.. ولا نؤكد أن العامية والفصحى لغة واحدة، فالطفل لن يكون مقتنعا بذلك ..
    2. الاصطلاح الأعجمي الحديث: مصطلحات كثيرة ذات مصادر غريبة، دخلت وما تزال تدخل في لغتنا اليومية، الفصحى والعامية في آن واحد سواء كنا نتحدث أو نقرأ. وتشكل هذه المصطلحات أزمة حقيقية تدعو للحيرة تفقد لغتنا بريقها وتشكل نوعا من التبعية الثقافية، وغالبا ما تكون غير معبرة عن لغتنا ودلالاتها المتعددة، ومن أمثلة ذلك: (بيولوجيا : علم الحياة ـ بسكليت: الدراجة ـ بسكوت ـ جاتوه ـ تكسي ـ آيس كريم ـ مايكروفون ـ كمبيوتر ـ ديجيتال…إلخ) كلمات كثيرة لا يمكن حصرها واستبعادها ما لم يكن لها بديل مقنع ومعقول تتبناه مختلف الأطراف المساهمة في تربية الطفل وتشكيل ثقافته..
    3. البنية اللا علمية، والخرافة: اللغة ليست مجرد تراكيب ومفردات ميتة، وإنما هي كائن حي، وحياتها في المعاني والمفاهيم التي ننقلها من جيل لآخر، وكذلك في تكيفها وقدرتها على التواصل عبر الزمان، لذلك فإنها بحد ذاتها بحاجة إلى تربية مستمرة، وبمعنى آخر بحاجة إلى تهذيب وتشذيب إضافة إلى تطوير بما يواكب العلم والمعرفة والعصر. فإذا كانت اللغة تحمل مفاهيم غير علمية، فإنها ستكون عقبة في طريق المعرفة الصحيحة والإدراك الموضوعي والعلمي للوجود! مثال في قولنا : (أشرقت الشمس) عندما ندقق فيه نجد أنه خطأ علمي، ولكي نكون أكثر دقة ربما يجب أن نقول: (أشرقنا على الشمس)، فلا بد من الاهتمام بهذا الأمر بمسؤولية ووعي لكي ننشئ الأطفال نشأة لغوية زاخرة بالعلوم والمعارف ضمن تراكيب وأساليب بعيدة عن مفاهيم الخرافة وعن العاطفية السلبية والانفعالات، وقريبة من العلم والمنطق .
    4. تطوير اللغة: اللغة العربية في رسمها الإملائي تطورت وخضعت لتبدلات وتغيرات وإضافات كثيرة، أوصلتنا إلى نوع من التوازن والدقة . لكن هذا الأمر استمر إلى حد معين.. ونحن الآن نجد أنفسنا في ظل رفض غير عقلاني لتحسين هذه المبادئ والقواعد كيف نتقبل التحسينات التي تمت عبر القرون الخوالي ونرفض أي تحسين في عصرنا الحالي ؟! إنه أمر في غاية الغرابة.. ذلك أن دواعي التحسين الآن أكثر من أي وقت مضى.

    الطفل والقراءة
    من المعروف أن اللغة المنطوقة تسبق دائما اللغة المكتوبة وتكون أساسا لها. وما لم يدرك الطفل معاني ما في الكتب من كلام مطبوع، وما لم يكن متشوقا إلى الكشف عما فيها من أفكار، فلن يكون عنده (المسوغ) الذي يدعوه إلى أن يتعلم قراءتها.. هنا يكمن قيمة الكتاب وثمنه وقيمة العلم واحترامه، فالقراءة استجابة لرغبة الطفل في أن يكتشف المعرفة بنفسه، إذ أنها بوابته الشخصية إلى المعرفة، ليتفاعل معها وينتقي منها ويربطها بما لديه أو بما تربط به في مجتمعه وليستقي منها ما يحتاجه.. أو بمعنى آخر ليقرأها !.
    متى يتعلم الطفل القراءة ؟؟ هناك اتجاهان. الأول يقول : إن الطفل يجب أن يأخذ وقتا طويلا قبل أن نقحمه في مجال تعلم القراءة وتعاطيها بدعوى إرهاق كاهل الطفل بهذه الأمور مبكرا يجعله يمل منها بسرعة، وكذلك يؤثر في أوجه نموه الأخرى سلبا!. وآخر يقول: إن لم يتعلم الطفل القراءة مبكرا فإنه سوف يفقد فرصته الأثمن في الحياة، وإن السن المناسبة لتعلمه القراءة هي قبل الرابعة، وإذا تمكن منها فإنه يكون مميزا وإن تأخر فلن تعوضه كل العلوم والمعارف التي يحصل عليها خسارته من جراء تأخير تعليمه القراءة.
    إن طفل اليوم أصبح أكثر تميزا من طفل الأمس، ولعل هذا عائد إلى العملية التربوية التي أصبحت أكثر قربا من الاستمتاع والإثارة، وتطور الوسائل المتنوعة في تعليم الطفل المرتبطة باللعب والتشويق والإثارة المدهشة..
    من مشكلات القراءة التي تواجه الأطفال ما يتعلق بالرسم القرآني والإملاء العربي. فالرسم القرآني ترسم فيه بعض الكلمات رسما لا يوافق لفظها مثل: (الزكوة، الصلوة، السموت، الرحمن…إلخ) إن استسلم الطفل لاختلافها فتثير في نفسه إشكالية.. هل هناك ضرورة للحفاظ على هذا الرسم؟؟ إذ أن القرآن الكريم أنزل لفظا ولم ينزل كتابة.. إذن ما الذي يمنع كتابة القرآن وفق قواعد الإملاء الحديثة طالما أن اللفظ محفوظ ومصان؟! ولماذا نصر على عدم وضع إشارات الترقيم (النقط، الفاصلة، الواصلة…إلخ) مع أنها ذات فائدة كبيرة لتيسيرها سهولة القراءة والفهم؟! وثمت مشكلات عديدة في الإملاء يختلف عنها بلاد عربية دون أخرى، خاصة فيما يخص أحكام الهمزة والأحرف المزيدة والمحذوفة رسما والثابتة نطقا…إلخ . إنها مشكلات حقيقية مهما تغافلنا عنها، فهي تحتاج منا إلى أكثر من وقفة تأمل وإلى جهود حقيقية وفاعلة من أهل الاختصاص. يتبع في الحلقة القادمة
    bassam65
    bassam65
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي


    عدد المساهمات : 762

    كيف نعد اطفالنا للمستقبل Empty رد: كيف نعد اطفالنا للمستقبل

    مُساهمة من طرف bassam65 الجمعة نوفمبر 06, 2009 10:18 am

    الطفل والكتاب
    كتاب الطفل عرضة للتسفيه والتردي.. نظرا لعدم إقبالنا عليه، وقد يشكو البعض من ارتفاع سعره، إن ذلك مرتبط بإقبالنا على شرائه، وأن سعره يتناسب عكسيا مع شرائه، وأن الناس يقبلون على الألعاب والملابس والحلويات وغيرها.. أكثر من الكتاب وفي الغالب تكون أسعارها أغلى من الكتاب.. إن شعورنا بالعجز عن شراء الكتاب يعكس نظرتنا الدونية له. إن مشكلة كتاب الطفل متعددة الجوانب، ولا تقتصر على ما ذكر فقط.. كما أن إصرار كتّاب الأطفال على التعامل مع الأطفال على أنهم ساذجون وقدراتهم محدودة أمر في غاية الخطورة، فالكتابة للطفل ليست مجرد مجموعة من الحكايات والحواديث.. إن طفل العصر يجب أن يقرأ عن مشكلات الكون، الاهتمام بكتاب الطفل يقطع الطريق أمام الثقافة الوافدة والتي تصدرها ثقافات أخرى، أو المنطلقة من أسس ثقافية وافدة ـ كما هو حاصل الآن ـ ففي كثير من الحالات تحتوي على مزيج من التناقض والغرابة وعلى قدر كبير من الغثاثة والتشويه، فلا هو تعبير عن قدرتنا وإنجازاتنا، ولا هو في نهاية الأمر نافع لأبنائنا وبناتنا..!

    الطفل وأدب الطفل
    ما زال أدب الطفل أسير عقول الكبار ويخضع لمقاييسهم دون أي اعتبار لتذوق الطفل، وقلما نجد كتابا يخضع لرؤية من يكتب لهم أساسا، بل إن هذا الأدب لا يزال أسير نزعات وشطحات توجهه (الكاتب) وجهة معينة وتسقط صفته عن كل ما يخالف هذه الوجهة، سواء أكانت وجهة أسلوبية أو فكرية، وما يرد فيه من كلمات وتراكيب تبقى على أسس افتراضية تفتقد التجربة والبحث الميداني، أو تغفل عن أهميتها، فليس من تصانيف مبدئية لطبيعة المفردات المرحلية، فطرف يرى رؤية معينة، وثاني يخالفه وآخر يرى في أنسنة الحيوانات والنباتات والجماد أسلوبا تشويقيا مفيدا، وآخر يرى فيه أسلوبا تقليديا سيئا.. لذلك فإن أدب الأطفال سيبقى أسير نظرات ضيقة وتجارب غريبة عن واقعنا وافتراضات واهمة ونظريات غير علمية ورؤى منفصلة عن الواقع ما لم يأخذ دوره في التنشئة سواء أكان هذا الأدب مطبوعا أو مسموعا ومرئيا، وإذ يتحرر ـ نادرا ـ فإن ضيق الانتشار يهمش هذا التحرر النادر!
    وحتى نستطيع الحكم على أدب الأطفال علينا مراعاة الفوائد التي يمكن أن يعطيها هذا الأدب في الجوانب التالية:
    1. الجانب القيمي والأخلاقي الخاص بالمجتمع من خلال سياق يوضح الآثار الإيجابية والسلبية.
    2. الجانب السلوكي والحركي من خلال السلوكيات التي يدعو إليها أو ينهى عنها أو من خلال تحليل الأحداث بطريقة تبين أهمية الاتزان والتوازن، وكذلك بما تزرعه من سلوكيات تدفع الطفل إلى المزيد من النشاط والحركة إيجابا.
    3. الجانب اللغوي والجمالي بتنمية ثروة الأطفال اللغوية والجمالية من حيث المفردات المتسقة نثرا أو شعرا أو من حيث الإيقاع والسلاسة والبساطة أو من خلال التصوير والوصف.
    4. الجانب المعرفي والعلمي بما يضيفه من معارف وعلوم تنساب عبر السياق بسلاسة وإمتاع .
    5. الجانب الاجتماعي بما ينقله من مشاهد مميزة وجديرة بالملاحظة حيث يصبح الطفل أكثر جرأة في دخول المجتمع، وأكثر قدرة على فهم قوانينه وضوابطه وقيمه وأكثر إدراكا لطبيعته وجوانبه وأكثر وعيا لمعرفة تحولاته وحاجاته..
    6. الجانب النفسي من خلال التجارب والخبرات التي تؤدي إلى تربية وعلاج وكشف الغموض بقدر من المتعة والمعرفة غير المباشرة.
    7. الجانب العاطفي والانفعالي بحيث تؤدي إلى اتزان عقلاني وموضوعي وعلمي من جهة والحرص الشديد على سلامة المجتمع بتركيباته وأفراده من جهة ثانية فلا يكون تابعا سلبيا، ولا مناهضا سلبيا، بل يدخلها في دائرة عقلانية حريصة على مشاعرها وأحاسيسها في دقتها واتزانها..

    الطفل والتلفزيون
    لعب التلفزيون دورا بارزا في هذه المرحلة ـ بشكل خاص ـ في حياتنا وسلوكنا، وكان الطفل هو المتلقي الأول والأخطر في حياتنا وتساءل الجميع منا على مدى تأثير التلفزيون في سلوك الأطفال وانعكس ذلك في تصرفاتهم الغريبة سواء كان ذلك في تصرفاتهم الغريبة في الشارع أم البيت أم المدرسة، وعجزنا جميعا أمام هذه المعضلة؟ هل نمنع أطفالنا من مشاهدة التلفزيون؟؟ أم نسمح لهم بذلك ؟ وإن سمحنا لهم. أي البرامج يشاهدون؟ من منا يراقب أطفاله عند مشاهدتهم للتلفزيون؟ من منا حاول تنظيم هذه العملية؟ أسئلة كثيرة مهمة؟ والأهم منها: هل نملك الجرأة سواء كنا مربين؟ أم معلمين؟ للسعي على تنظيم هذه العملية؟
    تعلق الطفل بالتلفزيون يجب ألا يثير محاذيرنا ومخاوفنا فقط، بل يجب أن نلتفت إلى أهمية استغلال هذا التعلق بما يفيده ويفيد التربية، فالعملية التناغمية بين الطفل والتلفزيون لم تعد ظاهرة عفوية مجانية، بل أصبحت صالحة للاستغلال في جميع الاتجاهات، فتأثير التلفزيون على الطفل تأثير شامل يشمل مختلف جوانب المعرفة والسلوك والتنشئة، إن المعرفة الآتية إلى الطفل عبر الشاشة قد تحوي من المشاهد والحوادث والقيم والقواعد الحياتية ما يخالف تماما ما ينطق به الأهل ويوصي به المربون والمرشدون وهذا ما يخلق نوعا من الالتباس والتناقض يؤدي بالطفل نفسيا وعقليا وتربويا إلى حالة من الاضطراب والبلبلة. وانطلاقا من ذلك يجب أن ننتبه إلى جملة أمور لا بد منها لتحسين واقع الطفل وعلاقته بالتلفزيون منها ما هو مرهون بالمجتمع ومؤسساته الإعلامية والتربوية، وما هو مرهون بالأسرة والمشرفين على تربية الطفل مباشرة .
    دور المجتمع والمؤسسات الإعلامية :
    · السعي إلى تقديم برامج مفيدة ومشوقة تجذب الطفل إلى التلفزيون المحلي وتقطع عليه الطريق للقنوات التي تؤثر سلبا فيه.
    · أن تكون البرامج مدروسة بحيث تكون قادرة على نفض القيم الرديئة والوافدة عن عقله باستمرار.
    · نشر نوع من الوعي الإعلامي والصحي في التعامل مع جهاز التلفزيون.
    · تنسيق البرامج وأوقات إذاعتها بحيث نتلافى إطلاع الطفل على ما لا يجب أن يطلع عليه في شكله المعروض، وذلك من خلال التفصيلات البرامجية وتقدير الأوقات التي يتزاحم فيها الأطفال على الأجهزة.

    دور أهل الطفل وذويه:
    · تصحيح علاقة الطفل بالتلفزيون، فالحجر لا يفيد، كما أن الإهمال يؤدي إلى أخطاء فاحشة في بناء الشخصية.
    · تنمية هوايات الطفل ومهاراته ليستغرق فيها وتغطي له أوقات فراغه .
    · التصرف السليم أمام الطفل، فاستسلام الكبار للتلفزيون وتعلقهم به يرثه الطفل ويصبح سلوكا أساسيا لديه.
    · تحديد عدد المحطات التي يمكن للأسرة متابعتها والاقتصار على ما هو مفيد منها.
    · تنظيم أوقات الأسرة يوميا وتوزيعها بحيث يكون وقت التلفزيون محدد يتوافق مع البرامج المفيدة.

    الطفل والألعاب
    تمتلئ أسواقنا بألعاب مستوردة، أو مصنوعة محليا على غرار المستورد. وجلّ هذه الألعاب ينطلق من أسس لا تمت بصلة إلى واقعنا، تحمل للطفل سلوكيات وقيم مغايرة ومختلفة عن خصوصيتنا ومع ذلك لا نستطيع مواجهتها وتلافيها، فهي أساسية في حياة الطفل وكذلك ألوانها المثيرة وأشكالها المحببة وتقنياتها المدهشة وما تقدمه من إمتاع وتسلية يغري الطفل وذويه. ولأن الألعاب ضرورة يمليها واقع الطفولة وطبيعتها لا بد للطفل من أن يحصل عليها، بل ربما يكون لحرمانه منها تأثير ضار جدا به، لكن علينا إدراك أن الألعاب ليست لمجرد الإلهاء، إنما الغاية منها المساهمة في نموه العقلي والجسدي والنفسي والحركي. لذلك يجب البحث عن اللعاب التي تسبب المزيد من المتعة المفيدة لا المتعة العقيمة.

    الطفل والمهارات
    المهارات تتعلق بجوانب النمو الحركية والعقلية مباشرة وتتداخل أيضا مع جوانب النمو الأخرى، والمهارات تدفع الطفل مبكرا نحو التوازن بين ما هو جمالي وما هو وظيفي إذ أن مهاراته تكون ظاهرة، وهذا يعني أنه سيتعرض لعمليات تقييم وتقويم مباشرة من قبل أسرته ومجتمعه. وكلما نمت مهارات الطفل تتاح له فرص أفضل للتواصل مع المجتمع، واكتساب المزيد من الخبرة، وتجعله قادرا على قياس مدى فاعليته وحضوره في المجتمع والدور الذي يمكنه أن يقوم به في إطار الجماعة الإنسانية أي تمهد له السبيل ليكون فردا إيجابيا بناء متفاعلا، له حضوره ومكانته وفرادته، وهذا ما يجعله يتصف بالاتزان، ويخلق في نفسه نوعا من الثقة بطاقاته وملكاته ويفتح له المجال لتحقيق الحد الأقصى من طموحاته وأحلامه، إضافة إلى ما تشكله هذه المهارات من اكتفاء حياتي وذلك من خلال اختصار حاجاته إلى الآخرين لأداء أعمال يمكنه القيام بها بنفسه.
    الطفل والتعليم
    بما أن الغذاء ضروري لنمو الجسد وتكامل وظائفه، كذلك التعليم ضروري لنمو القدرات العقلية وتوازن الحاجات النفسية ورفد الملكات وصقل المواهب. والأهم في التعليم هو المناهج التعليمية التي أخذت منذ القدم اهتماما وافرا وحتى الآن. فالمناهج تتغير بتقدم المعرفة وتحولات الظروف ونوعية الحاجات والمواصفات المرحلية للأمم في مجالات المعرفة والحياة. إذن أهمية التعليم تنبع من أهمية مناهجه وأهمية المناهج تأتي من خلال تنوعها وغناها وشموليتها واستجابتها لطبيعة الأطفال من جهة، إضافة إلى تحولاتها وتغيراتها المواكبة للتحولات والتغيرات التي تطرأ على المعارف والعلوم وظروف المجتمع وثقافته من جهة ثانية، إضافة إلى احتساب المدى المأمول للمجتمع والمستقبل المطلوب له في أسس هذه المناهج من جهة ثالثة ….

    بعد هذه الدراسة القصيرة والمتواضعة لا نفهم لماذا يوجد لدينا في كل الدول العربية وزارات تربية وتعليم ؟ ولماذا لم تقم هذه الوزارات بعلاج هذه المشكلات الواضحة والتي يعرفها الجميع ويعاني منها كافة الناس وكافة المدارس في كافة البلدان منذ زمن طويل؟ هل هذه الوزارات قاصرة عن معالجة هذه المشاكل أو الحد منها..؟ ما المانع أن تتوحد مناهج الأمة العربية جميعها في منهاج واحد ما دام تربطنا لغة واحدة؟ وقضايا واحدة ومصير واحد وجغرافيا واحدة؟ أليست وحدة مناهجنا كافية لتوحيد ثقافتنا وهويتنا؟ ومن ثم مواجهة التحديات معا أقوى وأفضل من تفرقنا وضعفنا..؟ أين جامعاتنا المتناثرة والكثيرة في كل البلدان من هذه القضايا؟ نعتقد أن كليات التربية بكل أقسامها من حيث هي كليات لإعداد المعلم في مراحل التعليم العام. في حاجة إلى تطوير من الداخل، وبحاجة إلى توحيد مناهجها أيضا لتخريج معلم واحد يستطيع أن يتعامل مع كل القضايا بشكل جدي ويتداول التجارب والخبرات معا حتى نستطيع الخروج من دائرة الإحباط والتجهيل،وتتبنى دولنا مجتمعة فلسفة تربوية واحدة تتآلف وتتعاون مع كل أنظمة المجتمع المختلفة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتاريخية والدينية ...وبهذا نكفل لمجتمعاتنا التطور والتقدم لنرتقي إلى مصاف الأمم المتطورة ونشاركها كل الإنجازات الحضارية...
    ـــــــــــــــــــــــــــ
    المراجع
    · إسماعيل ، د. محمد عماد الدين : الأطفال مرآة المجتمع ، سلسلة عالم المعرفة /99 ، الكويت ، 1986 .
    · عاقل ، د. فاخر : معالم التربية ، دار العلم للملاين ، بيروت ، 1983 .
    · كرم ، د. جان جبران : التلفزيون والأطفال ، دار الجليل ، بيروت ، 1988 .
    · الهيتي ، د. هادي نعمان : ثقافة الأطفال ، سلسلة عالم المعرفة / 123 ، الكويت ، 1988 .
    · وزارة الثقافة والإعلام ، الشارقة : الطفل والقراءة ، الشارقة ، 1993 .
    · أحرثاو ، د. الغالي : الطفل واللغة ، المركز الثقافي العربي ، بيروت ـ الدار البيضاء ، 1993 .
    · إبراهيم ، د. عبد الستار وآخرون : العلاج السلوكي للطفل ، سلسلة عالم المعرفة / 180 ، الكويت ، 1993 .

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 1:01 am