هاهي تعود الذكرى من جديد
ذكرى أول نوفمبر 1954 ذكرى الثورة الجزائرية
وقبل الحديث عن الثورة نجد أنه لزام علينا الحديث عن أسبابها
وإن كانت كلمة استعمار وحدها تكفي لقيام ثورات
ومن أجل هذا يمكننا أن نجمل أسباب الثورة
((بالوجود الاستعماري بالجزائر))
هذا الوجود الذي كان من أهم مظاهره :
الحاكم المتعسف، الناكر للجنسية واللغة والدين
وكل مقومات الشخصية الجزائرية.
هذا المستعمر المحتكر للخيرات، المسخر للعباد وآلاء البلاد
في وقت السلم والحرب على حد سواء
كان لزاما أن تقوم الثورة بعد الذل والهوان الذي كابده الشعب الجزائري
الذي يئس من كل الحلول السياسية التي لم تعد تجدي نفعا
خصوصا وأن معظم البلدان العربية تخلصت من الاحتلال وكذا الشعوب الآسيوية
فقامت الثورة على الرغم من كل الاختلافات والتوجهات السياسية المعارضة
أو التي تطالب بالانتظار
وقد تم وضع اللمسات الأخيرة للتحضير لاندلاع الثورة التحريرية في اجتماعي 10 و24 أكتوبر 1954 بالجزائر من طرف لجنة الستة . ناقش المجتمعون قضايا هامة هي :
- إعطاء تسمية للتنظيم الذي كانوا بصدد الإعلان عنه ليحل محل اللجنة الثورية للوحدة والعمل وقد اتفقوا على إنشاء جبهة التحرير الوطني وجناحها العسكري المتمثل في جيش التحرير الوطني. وتهدف المهمة الأولى للجبهة في الاتصال بجميع التيارات السياسية المكونة للحركة الوطنية قصد حثها على الالتحاق بمسيرة الثورة، وتجنيد الجماهير للمعركة الحاسمة ضد المستعمر الفرنسي
- تحديد تاريخ اندلاع الثورة التحريرية : كان اختيار ليلة الأحد إلى الاثنين أول نوفمبر 1954كتاريخ انطلاق العمل المسلح يخضع لمعطيات تكتيكية - عسكرية، منها وجود عدد كبير من جنود وضباط جيش الاحتلال في عطلة نهاية الأسبوع يليها انشغالهم بالاحتفال بعيد مسيحي، وضرورة إدخال عامل المباغتة.
- تحديد خريطة المناطق وتعيين قادتها بشكل نهائي، ووضع اللمسات الأخيرة لخريطة المخطط الهجومي في ليلة أول نوفمبر)خريطة أهم عمليات أول نوفمبر 1954).
المنطقة الأولى- الأوراس :مصطفى بن بولعيد
المنطقة الثانية- الشمال القسنطيني: ديدوش مراد
المنطقة الثالثة- القبائل: كريم بلقاسم
المنطقة الرابعة- الوسط: رابح بيطاط
المنطقة الخامسة- الغرب الوهراني: العربي بن مهيدي
تحديد كلمة السر لليلة أول نوفمبر 1954 : خالد وعقبة
2- الاندلاع
كانت بداية الثورة بمشاركة 1200مجاهد على المستوى الوطني بحوزتهم 400 قطعة سلاح وبضعة قنابل تقليدية فقط. وكانت الهجمات تستهدف مراكز الدرك والثكنات العسكرية ومخازن الأسلحة ومصالح استراتيجية أخرى، بالإضافة إلى الممتلكات التي استحوذ عليها الكولون..
شملت هجومات المجاهدين عدة مناطق من الوطن ، وقد استهدفت عدة مدن وقرى عبر المناطق الخمس : باتنة، أريس، خنشلة وبسكرة في المنطقة الأولى، قسنطينة وسمندو بالمنطقة الثانية ، العزازقة وتيغزيرت وبرج منايل وذراع الميزان بالمنطقة الثالثة. أما في المنطقة الرابعة فقد مست كلا من الجزائر وبوفاريك والبليدة ، بينما كانت سيدي علي و زهانة ووهران على موعد مع اندلاع الثورة في المنطقة الخامسة ( خريطة التقسيم السياسي والعسكري للثورة 1954 -1956).
وباعتراف السلطات الإستعمارية ، فإن حصيلة العمليات المسلحة ضد المصالح الفرنسية عبر كل مناطق الجزائر ليلة أول نوفمبر 1954 ، قد بلغت ثلاثين عملية خلفت مقتل 10 أوروبيين وعملاء وجرح 23 منهم وخسائر مادية تقدر بالمئات من الملايين من الفرنكات الفرنسية. أما الثورة فقد فقدت في مرحلتها الأولى خيرة أبنائها الذين سقطوا في ميدان الشرف ، من أمثال بن عبد المالك رمضان وقرين بلقاسم وباجي مختارو ديدوش مراد و غيرهم
3- بيان أول نوفمبر 1954
وقد سبق العمل المسلح الإعلان عن ميلاد "جبهة التحرير الوطني "التي أصدرت أول تصريح رسمي لها يعرف بـ "بيان أول نوفمبر ".وقد وجهت هذا النداء إلى الشعب الجزائري مساء 31 أكتوبر 1954 ووزعته صباح أول نوفمبر، حددت فيه الثورة مبادئها ووسائلها ، ورسمت أهدافها المتمثلة في الحرية والاستقلال ووضع أسس إعادة بناء الدولة الجزائرية والقضاء على النظام الاستعماري . وضحت الجبهة في البيان الشروط السياسية التي تكفل تحقيق ذلك دون إراقة الدماء أو اللجوء إلى العنف ؛ كما شرحت الظروف المأساوية للشعب الجزائري والتي دفعت به إلى حمل السلاح لتحقيق أهدافه القومية الوطنية، مبرزة الأبعاد السياسية والتاريخية والحضارية لهذا القرار التاريخي. يعتبر بيان أول نوفمبر 1954 بمثابة دستور الثورة ومرجعها الأوّل الذي اهتدى به قادة ثورة التحرير وسارت على دربه الأجيال.
لا شك في أن الحديث عن الثورة الجزائرية يطول وبما أننا نحتفل اليوم بذكراها أقول
نوفمبر شعلات روح الاندفاع الأعضل
للنصر صوت الشجع علّى ودوى صلصل
في ساعة الصفر الرصاص المطلق اصطك الجحافل
كم كابد الثوار بل لا زال بعض مجزلا
هذي الجزائر منبع للثائر المغوار قل
أرضي لذكرى اليوم لن أرضى احتفالا مبتذل
فلترفع الأعلام ولترسل زغاريد الشمل
نشدوا أناشيد الوطن تسموا الجزائر بين الدول
ذا العهد بالصلح انشغل لمّ البلاد المؤمل
هزّ اللواء البازل عبد العزيز الباسل
واستلهم الشعب القوى فاستبصر الحقّ الأفل
وقّع أيا تاريخ مجدا قاده الشعب الجزل
نهدي لذكرى الخمسينات موطنا حرّا جمل
أجدادنا آباؤنا ذا الجيل كلّ ابتهل
أبقي إلاهي موطني صرحا عظيما مستقل
ولكن لا يوجد أفضل من كلمات شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكرياء
رحمه الله لأنهي حديثي به عن الثورة
نوفمبر...نوفمبر ...نوفمبر جل جلالك فينا
نوفمبر جل جلالك فينا
ألست الذي بث فينا اليقين
سبحنا على لجج من دمانا
وللنصر رحنا نسوق السفينة
وثرنا نفجر نارا ونورا
ونصنع من صلبنا الثائرين
ونلهم ثورتنا مبتغانا
فتلهم ثورتنا العالمين
وتصخر جبهتنا بالبلايا
فنسخر بالظلم والظلامين
وتعلو السيايسة طوعا وكرها
لشعب اراد فأعلى الجبينا
جمعنا لحرب الخلاص شتاتا
سلكنا به المنهج المستبين
ولولا التحام الصفوف وقانا
لكنا سماسرة مجرمين
فليت فلطسن تقفو خطانا
وتطوي كما قدطوينا السنين
وبالقدس تهتم لا بالكراسي تميل يسارا بها ويمينا