الأسس أو "الضرورات" الأربع:
هي العناصر التي ينبغي على المتحدث أو الخطيب أن يتضمنها حديثه أو خطبته إذا كان يرغب في نجاحه، وإذا أراد أن يدفع جمهوره إلى العمل. أو أن يدفعه إلى تغيير أفكاره وبالتالي تغيير سلوكه.
إن تغيير أفكار الآخرين معناه الدفع بهم لتغيير قناعات وتصورات سلبية انحطاطية، وما كانوا ليفلحوا لا في الدنيا ولا في الآخرة وهم منقادون بتلك الأفكار التي تؤدي إلى اتخاذ الهوى إلاها يعبد من دون الله. فكل الذين غيروا أفكارهم وحولوها من أفكار تدميرية إلى أفكار بناءة، ومن أفكار رجعية إلى أفكار تقدمية، ومن أفكار متخلفة إلى أفكار متطورة تنموية ساهموا بشكل أو بآخر في بناء هذا العالم وتغييره لأنهم غيروا ما بأنفسهم.
إنه المعنى الحقيقي للخطبة التي تغير العالم عندما تدفع الناس إلى تغيير قناعات وأفكار فاسدة واستبدالها بقناعات وأفكار صالحة مفيدة تفيد الفرد والوطن والأمة.
الضرورة الأولى: المعرفة
ا- المعرفة بالموضوع
منذ مائة عام قال أحد الفلاسفة: "المعرفة القليلة شيء خطير...اشرب بعمق، أو لا تشرب على الإطلاق من النبع الصافيّ"
إن الخطيب أو المحاضر إذا واجه جمهورا من الحاضرين بمعلومات غير كافية، فإنه بحق يبحث عن المتاعب. أي أن الخطيب مطالب بأن يعرف معلومات أكثر بعدة مرات عن موضوع حديثه حتى ولو لم يكن هناك متسع لاستخدامها كلها. فمسؤولية الخطيب تكمن في الجمع المسبق للمادة قبل الشروع في بداية الحديث وقد يضطر إلى جمع 1000 كلمة ليقول 100 كلمة أو يجمع 100 كلمة ليقول 10 كلمات.
ب- المعرفة بالجمهور:
إن معرفة الجمهور تعتبر محددا أساسيا في نجاح الخطيب أو المحاضر. ولأن موقعة الخطاب ليجد مكانه المناسب ضن العقول والقلوب رهين بمدى معرفة الخطيب للخصائص الثقافية والاجتماعية للجمهور، أو ما يسمى بخلفية الجمهور. غالبا ما إذا تكلمنا عن الخطاب إلا وتكلمنا عن كنه وخصائص المخاطب حتى نموقع خطابنا في المكان المناسب والظرف المناسب وإلى الشخص المناسب. فما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوجه خالد بن الوليد إلى الميدان العسكري وعبد الله بن عباس إلى الفقه (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل) ويأبى أن يولي أبا در الغفاري رضي الله عنه أي ولاية.. لو لم يكن يعرف خصائص أي منهم. بمعنى أن تحديد مميزات الآخر هو محدد جوهري في خطابه. ومن جهة أخرى فإن الخطيب عندما يتعرف السائد من الأخلاق ويتعرف مشاكل جمهوره فإنه يتمكن من معالجة القضايا التي تهم هذا الجمهور.
1- مصادر المعرفة:
لعل مصادر المعرفة مما يخطئه العد والإحصاء، ولذلك سنكتفي بالإرشاد إلى ما ركز عليه الكثير من خطباء العالم المفوهين والذين نجحوا في نسج آلاف الخطب والتأثير في الملايين من الناس. ومن هذه المصادر نذكر ما يلي:
1- مصادر التشريع وأهمها الكتاب والسنة:
لا يمكن، بحال من الأحوال، الإستغناء عن الأصل الذي يرجع إليه الأمر كله، وهو المعيار الذي يحدد الخطأ والصواب، الحلال والحرام. ولا نتوقع خطبة أو محاضرة تريد فعلا تغيير سلوك الناس أو دعمهم بما يفيدهم ويحسن من أحوالهم وهي تنأى عما سطره الله ورسوله لمصلحة هذه الإنسانية جمعاء. فالله هو الخالق وهو أدرى بما يصلح لهذا الإنسان. ورسوله المصطفى يمثل النموذج التطبيقي لما أراده الله من هذا الإنسان، فكان ابنا بارا، وزوجا مثاليا وأبا ناجحا، وصاحبا صادقا، وقائدا كفؤا، وحاكما عادلا، ومحاورا فعالا..و..و..و...ناجحا في كل نواحي الحياة. وماذا يريد الإنسان غير أن يكون ناجحا في الدنيا والآخرة.. مرضيا عند الله، محبوبا عند الناس..يحسن تدبير حياته بفعالية..وهو في خدمة الآخرين..لا يتوانى في شيء فيه مصلحة تعود بالنفع على إخوانه وجيرانه ووطنه وأمته.
2- أمهات الكتب لكبار العلماء المعتمدين لدى الأمة قديما وحديثا:
العلماء ورثة الأنبياء وهم مصابيح الأمة. وقد قيد الله لهذا الدين رجالا يذودون عنه ويجاهدون ويصابرون في صيانته وينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين. فلا يتجرأ محاضر أو خطيب على القول في الدين دون مراجعة العلماء العاملين الذين تلقتهم الأمة بالقبول من أمثال الإمام ابن تيمية وابن القيم والشاطبي وحجة الإسلام الإمام الغزالي والأئمة الأربعة والأئمة الآخرون كسفيان الثوري وجعفر الصادق والإمام الأوزاعي... وفي كل علم من العلوم تجد مئات العلماء الورعين الصادقين الذين ترتجف فرائصهم قبل الخوض في حديث شريف أو آية قرآنية خوفا من أن يصدر عنهم ما لا يليق من قول في هذا الدين. وإذا تبين الخطأ من الصواب يعلنون للناس خطأهم فورا، ولذا تجد بعضهم يراجع بعضا، وربما يمكث الشهور الطوال وهو لم يستجمع أفكارا ما من أجل فتوى معينة لا لضعف علم بل التريث والمراجعة والتقريب والترجيح، وتقليب الأمر على أوجهه، ومدارسة للقضية في ظروفها وملابساتها ليكون الجواب الأنسب للقضية الأنسب في الظروف الأنسب للشخص الأنسب...فاستحقوا لذلك أن تتخذهم الأمة مراجع يستعان بها في فهم الدين ومقاصده...
ومن منة الله تعالى على هذه الأمة أن جعل أولها موصولا بآخرها، فيسر للأمة علماء في كل عصر كعصرنا هذا الذي قد تنور بعلماء أجلاء كالشيخ محمد الغزالي رحمه الله وفضيلة الشيخ العلامة يوسف القرضاوي أطال الله في عمره والشيخ العلامة مصطفى بنحمزة عالم المغرب، والدكتور محمد الروكي، والدكتور التهامي الراجي عالم القراءات الكبير، والدكتور إمام الأصول والمقاصد في هذا العصر أحمد الريسوني...وغيرهم كثير ممن يعتبر مرجعا يطمئن إليه الباحث والخطيب والمحاضر.
3
- نفسك: ما حصلته من بيئتك، تعليمك، عملك، هوايتك، رحلاتك، بما انعكس عليها من تعاليم دينية وآيات قرآنية وسيرة نبوية:
عندما تستخدم شيئا كان محل تجربة شخصية فإنك السلطة رقم واحد في العالم بالنسبة لهذا الموضوع ولا ينازعك أي شخص حول دقته. وعندما تضرب أمثلة من واقعك تثير انتباه الآخر فيستمع إليك جيدا لأنك ستتكلم بحماس ويقظة تضفي على كلامك مصداقية أكبر.
*
الآخرون
راجع أصدقاءك وزملاءك، ابحث عن الخبراء في مثل موضوعك وكن على اتصال بهم أو بأي شخص قد يعطيك ما تحتاج إليه.
* الأدب:
زر المكتبة واستعرض الموضوع واجمع كل قصاصة حوله ولو كانت مجرد فكرة صغيرة في زاوية من مجلة أو جريدة.
وسائل أخرى:
بمجرد أن يتقرر إلقاؤك لحديث معين أو خطبة معينة، ينبغي عليك أن تمد هوائي جمع المعلومات في كل الاتجاهات: إذا ذهبت إلى المسرح أو نزلت ضيفا على عالم أو خطيب فكن متيقظا للحصول على المعلومات التي تهمك. وإذا كنت تشاهد التلفزيون أو تسمع إلى الراديو فلا تكن سلبيا تماما...احتفظ بقلم الرصاص بجانبك ودون باختصار المعلومة التي تحتاجها لإدخالها في ملف المعلومات الذي يتعلق بخطابك.
وكخلاصة للضرورة الأولى وهي المعرفة نقول لك: إن مما يساعدك على الاستحواذ على الجمهور ”المعرفة“ إذا لم تكن لديك معرفة فلا داعي لتلقي خطبتك أو حديثك. فلا غنى عن المعرفة لإنجاح أي حديث.
2-
الضرورة الثانية: الإخلاص
لا يكفي أن تكون على معرفة بموضوعك، بل ينبغي أن تكون مؤمنا به كذلك، فإخلاصك لموضوعك وصدقك فيما ستقول يضخ القوة في قلبك وروحك وجوارحك. فالإخلاص في الحديث يؤدي إلى خلق نوع من الاستجابة الإيجابية لدى الجمهور، وفي نفس الوقت يؤدي إلى الشعور بالرضا لدى المتحدث.
كن صادقا فيما تقول ومؤمنا به، وبعدها، لن يخذلك جمهورك في أن يفعلوا ما أمرت به، وسيكونون عند حسن ظنك بهم.
3-
الضرورة الثالثة: الحماس
لا يكفي أن تعرف كل شيء عن موضوعك وأن تؤمن به، ولكن ينبغي عليك كذلك أن تكون تواقا للحديث عنه. فهذا خبير الخطباء في العالم الغربي ” وليام ماكولاف“ استمع لمدة خمس وعشرين سنة لآلاف من الخطب فكانت نقطة الضعف الوحيدة التي سجلها كنقد لجل تلك الخطب هي الافتقاد إلى الحماس. أي أن الغالبية العظمى من المتحدثين كانت تعرف موضوعاتها وتؤمن بها. لكن لم تنقل الانطباع بأهمية رسالتها أو أنها تواقة للحديث عنها لجمهور الحاضرين. فهم لم يتركوا أنفسهم على سجيتها ولم يظهروا عاطفة صادقة، بل حتى لم يحسوا بأية مشاعر، ونتيجة لذلك لم يحصلوا في المقابل على استجابة طيبة من قبل الجمهور.
4- الضرورة الرابعة: الممارسة.
لا يوجد عمل ما يمكن إتقانه دون أن نمارسه ونعيد ممارسته لنحصل على تراكمات من شأنها أن تفضي بنا إلى خبراء محترفين يتقنون هذا الفن أو هذا العمل. فلا يمكن أن نتعلم السباحة من خلال الغوص في الرمال ولا عن طريق الارتماء في أراضي العشب الأخضر. فالسباحة لايمكن أن تصير مهارة نتقنها دون أن نمارسها في مكانها المخصص لها وهو الماء، سواء كان هذا الماء بمسبح أو ببحر أو ببركة. فالخطابة والتأثير في الآخرين مهارة لا تولد مع الخطيب بل تكتسب عن طريق الممارسة...وأي مهارة كيفما كانت تجعلها الممارسة في أكمل صورها. فإن من أراد أن يكون متحدثا أكثر تأثيرا فإن عليه أن يتحدث أمام الجمهور حتى يستطيع أن يعرف موضوعه وأن يؤمن به وأن يكون تواقا للحديث عنه. لكن إذا لم يستطع أن يحول هذه العوامل إلى عمل فإن كل الضرورات التي تحدثنا عنها ستتبخر ولن يكون للحديث بعد ذلك أي معنى.
هي العناصر التي ينبغي على المتحدث أو الخطيب أن يتضمنها حديثه أو خطبته إذا كان يرغب في نجاحه، وإذا أراد أن يدفع جمهوره إلى العمل. أو أن يدفعه إلى تغيير أفكاره وبالتالي تغيير سلوكه.
إن تغيير أفكار الآخرين معناه الدفع بهم لتغيير قناعات وتصورات سلبية انحطاطية، وما كانوا ليفلحوا لا في الدنيا ولا في الآخرة وهم منقادون بتلك الأفكار التي تؤدي إلى اتخاذ الهوى إلاها يعبد من دون الله. فكل الذين غيروا أفكارهم وحولوها من أفكار تدميرية إلى أفكار بناءة، ومن أفكار رجعية إلى أفكار تقدمية، ومن أفكار متخلفة إلى أفكار متطورة تنموية ساهموا بشكل أو بآخر في بناء هذا العالم وتغييره لأنهم غيروا ما بأنفسهم.
إنه المعنى الحقيقي للخطبة التي تغير العالم عندما تدفع الناس إلى تغيير قناعات وأفكار فاسدة واستبدالها بقناعات وأفكار صالحة مفيدة تفيد الفرد والوطن والأمة.
الضرورة الأولى: المعرفة
ا- المعرفة بالموضوع
منذ مائة عام قال أحد الفلاسفة: "المعرفة القليلة شيء خطير...اشرب بعمق، أو لا تشرب على الإطلاق من النبع الصافيّ"
إن الخطيب أو المحاضر إذا واجه جمهورا من الحاضرين بمعلومات غير كافية، فإنه بحق يبحث عن المتاعب. أي أن الخطيب مطالب بأن يعرف معلومات أكثر بعدة مرات عن موضوع حديثه حتى ولو لم يكن هناك متسع لاستخدامها كلها. فمسؤولية الخطيب تكمن في الجمع المسبق للمادة قبل الشروع في بداية الحديث وقد يضطر إلى جمع 1000 كلمة ليقول 100 كلمة أو يجمع 100 كلمة ليقول 10 كلمات.
ب- المعرفة بالجمهور:
إن معرفة الجمهور تعتبر محددا أساسيا في نجاح الخطيب أو المحاضر. ولأن موقعة الخطاب ليجد مكانه المناسب ضن العقول والقلوب رهين بمدى معرفة الخطيب للخصائص الثقافية والاجتماعية للجمهور، أو ما يسمى بخلفية الجمهور. غالبا ما إذا تكلمنا عن الخطاب إلا وتكلمنا عن كنه وخصائص المخاطب حتى نموقع خطابنا في المكان المناسب والظرف المناسب وإلى الشخص المناسب. فما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوجه خالد بن الوليد إلى الميدان العسكري وعبد الله بن عباس إلى الفقه (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل) ويأبى أن يولي أبا در الغفاري رضي الله عنه أي ولاية.. لو لم يكن يعرف خصائص أي منهم. بمعنى أن تحديد مميزات الآخر هو محدد جوهري في خطابه. ومن جهة أخرى فإن الخطيب عندما يتعرف السائد من الأخلاق ويتعرف مشاكل جمهوره فإنه يتمكن من معالجة القضايا التي تهم هذا الجمهور.
1- مصادر المعرفة:
لعل مصادر المعرفة مما يخطئه العد والإحصاء، ولذلك سنكتفي بالإرشاد إلى ما ركز عليه الكثير من خطباء العالم المفوهين والذين نجحوا في نسج آلاف الخطب والتأثير في الملايين من الناس. ومن هذه المصادر نذكر ما يلي:
1- مصادر التشريع وأهمها الكتاب والسنة:
لا يمكن، بحال من الأحوال، الإستغناء عن الأصل الذي يرجع إليه الأمر كله، وهو المعيار الذي يحدد الخطأ والصواب، الحلال والحرام. ولا نتوقع خطبة أو محاضرة تريد فعلا تغيير سلوك الناس أو دعمهم بما يفيدهم ويحسن من أحوالهم وهي تنأى عما سطره الله ورسوله لمصلحة هذه الإنسانية جمعاء. فالله هو الخالق وهو أدرى بما يصلح لهذا الإنسان. ورسوله المصطفى يمثل النموذج التطبيقي لما أراده الله من هذا الإنسان، فكان ابنا بارا، وزوجا مثاليا وأبا ناجحا، وصاحبا صادقا، وقائدا كفؤا، وحاكما عادلا، ومحاورا فعالا..و..و..و...ناجحا في كل نواحي الحياة. وماذا يريد الإنسان غير أن يكون ناجحا في الدنيا والآخرة.. مرضيا عند الله، محبوبا عند الناس..يحسن تدبير حياته بفعالية..وهو في خدمة الآخرين..لا يتوانى في شيء فيه مصلحة تعود بالنفع على إخوانه وجيرانه ووطنه وأمته.
2- أمهات الكتب لكبار العلماء المعتمدين لدى الأمة قديما وحديثا:
العلماء ورثة الأنبياء وهم مصابيح الأمة. وقد قيد الله لهذا الدين رجالا يذودون عنه ويجاهدون ويصابرون في صيانته وينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين. فلا يتجرأ محاضر أو خطيب على القول في الدين دون مراجعة العلماء العاملين الذين تلقتهم الأمة بالقبول من أمثال الإمام ابن تيمية وابن القيم والشاطبي وحجة الإسلام الإمام الغزالي والأئمة الأربعة والأئمة الآخرون كسفيان الثوري وجعفر الصادق والإمام الأوزاعي... وفي كل علم من العلوم تجد مئات العلماء الورعين الصادقين الذين ترتجف فرائصهم قبل الخوض في حديث شريف أو آية قرآنية خوفا من أن يصدر عنهم ما لا يليق من قول في هذا الدين. وإذا تبين الخطأ من الصواب يعلنون للناس خطأهم فورا، ولذا تجد بعضهم يراجع بعضا، وربما يمكث الشهور الطوال وهو لم يستجمع أفكارا ما من أجل فتوى معينة لا لضعف علم بل التريث والمراجعة والتقريب والترجيح، وتقليب الأمر على أوجهه، ومدارسة للقضية في ظروفها وملابساتها ليكون الجواب الأنسب للقضية الأنسب في الظروف الأنسب للشخص الأنسب...فاستحقوا لذلك أن تتخذهم الأمة مراجع يستعان بها في فهم الدين ومقاصده...
ومن منة الله تعالى على هذه الأمة أن جعل أولها موصولا بآخرها، فيسر للأمة علماء في كل عصر كعصرنا هذا الذي قد تنور بعلماء أجلاء كالشيخ محمد الغزالي رحمه الله وفضيلة الشيخ العلامة يوسف القرضاوي أطال الله في عمره والشيخ العلامة مصطفى بنحمزة عالم المغرب، والدكتور محمد الروكي، والدكتور التهامي الراجي عالم القراءات الكبير، والدكتور إمام الأصول والمقاصد في هذا العصر أحمد الريسوني...وغيرهم كثير ممن يعتبر مرجعا يطمئن إليه الباحث والخطيب والمحاضر.
3
- نفسك: ما حصلته من بيئتك، تعليمك، عملك، هوايتك، رحلاتك، بما انعكس عليها من تعاليم دينية وآيات قرآنية وسيرة نبوية:
عندما تستخدم شيئا كان محل تجربة شخصية فإنك السلطة رقم واحد في العالم بالنسبة لهذا الموضوع ولا ينازعك أي شخص حول دقته. وعندما تضرب أمثلة من واقعك تثير انتباه الآخر فيستمع إليك جيدا لأنك ستتكلم بحماس ويقظة تضفي على كلامك مصداقية أكبر.
*
الآخرون
راجع أصدقاءك وزملاءك، ابحث عن الخبراء في مثل موضوعك وكن على اتصال بهم أو بأي شخص قد يعطيك ما تحتاج إليه.
* الأدب:
زر المكتبة واستعرض الموضوع واجمع كل قصاصة حوله ولو كانت مجرد فكرة صغيرة في زاوية من مجلة أو جريدة.
وسائل أخرى:
بمجرد أن يتقرر إلقاؤك لحديث معين أو خطبة معينة، ينبغي عليك أن تمد هوائي جمع المعلومات في كل الاتجاهات: إذا ذهبت إلى المسرح أو نزلت ضيفا على عالم أو خطيب فكن متيقظا للحصول على المعلومات التي تهمك. وإذا كنت تشاهد التلفزيون أو تسمع إلى الراديو فلا تكن سلبيا تماما...احتفظ بقلم الرصاص بجانبك ودون باختصار المعلومة التي تحتاجها لإدخالها في ملف المعلومات الذي يتعلق بخطابك.
وكخلاصة للضرورة الأولى وهي المعرفة نقول لك: إن مما يساعدك على الاستحواذ على الجمهور ”المعرفة“ إذا لم تكن لديك معرفة فلا داعي لتلقي خطبتك أو حديثك. فلا غنى عن المعرفة لإنجاح أي حديث.
2-
الضرورة الثانية: الإخلاص
لا يكفي أن تكون على معرفة بموضوعك، بل ينبغي أن تكون مؤمنا به كذلك، فإخلاصك لموضوعك وصدقك فيما ستقول يضخ القوة في قلبك وروحك وجوارحك. فالإخلاص في الحديث يؤدي إلى خلق نوع من الاستجابة الإيجابية لدى الجمهور، وفي نفس الوقت يؤدي إلى الشعور بالرضا لدى المتحدث.
كن صادقا فيما تقول ومؤمنا به، وبعدها، لن يخذلك جمهورك في أن يفعلوا ما أمرت به، وسيكونون عند حسن ظنك بهم.
3-
الضرورة الثالثة: الحماس
لا يكفي أن تعرف كل شيء عن موضوعك وأن تؤمن به، ولكن ينبغي عليك كذلك أن تكون تواقا للحديث عنه. فهذا خبير الخطباء في العالم الغربي ” وليام ماكولاف“ استمع لمدة خمس وعشرين سنة لآلاف من الخطب فكانت نقطة الضعف الوحيدة التي سجلها كنقد لجل تلك الخطب هي الافتقاد إلى الحماس. أي أن الغالبية العظمى من المتحدثين كانت تعرف موضوعاتها وتؤمن بها. لكن لم تنقل الانطباع بأهمية رسالتها أو أنها تواقة للحديث عنها لجمهور الحاضرين. فهم لم يتركوا أنفسهم على سجيتها ولم يظهروا عاطفة صادقة، بل حتى لم يحسوا بأية مشاعر، ونتيجة لذلك لم يحصلوا في المقابل على استجابة طيبة من قبل الجمهور.
4- الضرورة الرابعة: الممارسة.
لا يوجد عمل ما يمكن إتقانه دون أن نمارسه ونعيد ممارسته لنحصل على تراكمات من شأنها أن تفضي بنا إلى خبراء محترفين يتقنون هذا الفن أو هذا العمل. فلا يمكن أن نتعلم السباحة من خلال الغوص في الرمال ولا عن طريق الارتماء في أراضي العشب الأخضر. فالسباحة لايمكن أن تصير مهارة نتقنها دون أن نمارسها في مكانها المخصص لها وهو الماء، سواء كان هذا الماء بمسبح أو ببحر أو ببركة. فالخطابة والتأثير في الآخرين مهارة لا تولد مع الخطيب بل تكتسب عن طريق الممارسة...وأي مهارة كيفما كانت تجعلها الممارسة في أكمل صورها. فإن من أراد أن يكون متحدثا أكثر تأثيرا فإن عليه أن يتحدث أمام الجمهور حتى يستطيع أن يعرف موضوعه وأن يؤمن به وأن يكون تواقا للحديث عنه. لكن إذا لم يستطع أن يحول هذه العوامل إلى عمل فإن كل الضرورات التي تحدثنا عنها ستتبخر ولن يكون للحديث بعد ذلك أي معنى.