الطفل المدلل ملك في بيته
"الكثير من الإزعاج أفضل من القليل من الدلال"، هذا هو حال لسان الأطباء والاختصاصيين النفسيين المتعاملين مع الأطفال، فهم يرون أن مسألة التدليل سهلة وبسيطة، لكن عواقبها وخيمة ليس على الطفل فقط، بل على كل المحيطين به وعلى رأسهم الوالدين
فلا يقتصر الدلال على مرحلة عمرية محددة، ولا هو مشكلة عرضية تأخذ وقتها وتزول، لكنه في الحقيقة مشكلة حية إن لم تُوأَد في مرحلة الطفولة نمت وشابت على صاحبها حتى الكهولة.
ويبدأ الطفل المدلل انحرافه بالإلحاح الشديد أو كما نطلق عليه "الزن"، فإن رغب في شيء، فإما أن يلبي مطلبه أو كان الصراخ والركل والضرب -وربما السب- وسائل ضغط تمارس على الوالدين حتى يذعنوا لرغباته.
أسبابه
وقد يكون حرص الأم الشديد على طفلها وخوفها عليه من التعرض لأي خطر، من أسباب تدليله، أو ربما لأنه طفلها الوحيد أو أنها وزوجها رُزِقا به بعد فترة طويلة من تأخر الإنجاب، أو أنه آخر العنقود، وقد يكون الدافع وراء التدليل شعور أحد الوالدين بطول فترة غيابه في العمل عن أطفاله، فيعمل لا شعوريًّا على تلبية رغباتهم كنوع من التعويض، وفي أحيان كثيرة يكون سفر أحد الوالدين للعمل بالخارج مبررًا كافيًا لإغداق أطفاله بالهدايا وتحقيق مطالبهم، لكن الوالدين بحبهما الفطري لطفلهما لا يدركان أنهما يدفعان به لهاوية الدلال الذي لا يقتصر ضرره على طفلهما فقط، بل بالمجتمع المحيط به أيضًا
فتساهل الوالدين مع طفلهما واستسلامهما لضغوطه وعدم تمييزهما لاحتياجاته الضرورية ورغباته يفسده ويغرس فيه حب الذات، وينمّي لديه حب الامتلاك والأنانية، فلا يعود يعلم شيئًا غير تلبية رغباته وإلا الصراخ. وبالطبع لا يقتصر الأمر على هذا فقط، فالتدليل يسلب من الطفل الإحساس بالمسئولية وحبه للمشاركة، بل يفقده كيفية الاعتماد على نفسه، حيث إن دلاله يدفعه للاتكال على غيره.
هذه المشكلة تنمو مع نمو الطفل، وتزداد سوءًا مع مراحل عمره المختلفة، ففي المدرسة مثلاً لا يستطيع أن يتخذ قرارًا دون الرجوع لوالديه، ويرفض أن يشترك معه زملاؤه في اللعب، يرفض أن يكون خاسرًا، ويرفض أن توبخه معلمته، مما يجعل منه طفلاً غير محبوب ليس بين أقرانه فقط، بل ومعلميه أيضًا. وفي المراهقة تكون فرصة الانحلال الأخلاقي والسلوكي أكبر، خاصة لو كان طلباته المادية مجابة فقد يتجه للمخدرات مع رفاق السوء
للدلال سمات
وبتحليل عدد من الاستشارات التربوية بموقع "إسلام أون لاين.نت" وجدنا أن الطفل المدلل له عدد من السمات تعلن عن سلوكه فهو:
متمرد يحتج على كل شيء ويصر على تحكيم رأيه.
فوضوي لا يتبع قواعد التهذيب ولا يستجيب لأي من التعليمات الموجهة إليه.
لحوح وكثير الطلبات.
قليل الصبر وملول فهو يستعجل الأمور ولا طاقة له على الصبر.
يتخذ من البكاء والصراخ سبلاً للضغط على ذويه لتلبيه رغباته.
تسيطر على الطفل المدلل الأنانية وحب السيطرة على إخوته والعنف في تصرفاته معهم لإحساسه بالتميز عنهم.
الطفل المدلل لا يستطيع الاعتماد على نفسه أو مواجهة متاعب ومصاعب الحياة فهو معدوم الشخصية.
الوقاية خير من الدلال
وحتى نقي أطفالنا خطر التدليل فقد نصح الاستشاريون والمختصون بضرورة الاعتدال في تربية الأطفال، فلا يكون الدلال مفرطًا ولا الحماية مشددة؛ حتى يتمكن الطفل من مواجه الحياة فيما بعد.
كما أن اشتراك الطفل في نادٍ أو إيجاد مكان له يمارس فيه بعض الأنشطة يعمل على تنمية روح التعاون لديه، فنشاطه مع فريق بغمسه مع أقرانه بالعمل الجماعي ينمي لديه إحساسه بروح الجماعة والعمل مع فريق.
بالإضافة إلى عدم التفرقة في المعاملة بينه وبين إخوته، فهذا يوجد بينهم العداوة والكراهية، مع ضرورة التأكيد على مبدأ الثواب والعقاب المناسبين للموقف.
ويُعَدّ المدح والذم أحد الأساليب الناجحة في تقويم سلوك الأبناء وهما سلاحان ذوا حدين، فالمدح إن زاد عن حده أمسلمب صاحبه الغرور، وكذلك الذم إن زاد أفقد صاحبه الثقة بنفسه وأضعف شخصيته؛ لذلك يمدح الطفل حين يلتزم السلوك الحسن ويعاقب بالذم إن أساء شريطة أن يكون المدح أو الذم مناسبين لحجم السلوك.
وتضيف أ. مديحة حسين خبيرة في الشئون التربوية:
إذا نظر كل أب وأم إلى عواقب التدليل وما يصنعه في نفس طفله على المدى البعيد لأدرك أهمية الالتزام بالاعتدال في التربية. فاستقبال منتجات التدليل تختلف من طفل إلى آخر، من حيث تأثيره على شخصيته أو تطور هذا التأثير، وامتداده إلى سلوكيات قد تصل إلى تدميره لذاته أو لمن حوله.
ولا أنسى تلك الشابة التي كانت تصف تدليل والدها لها بأنه عوَّدها على أن ينفذ لها كل ما تريد في نفس اللحظة؛ ليتحول الأمر إلى مصدر للحصول على اللذة التي تفقد إذا تأخر حصولها على ما ترغب به. وبالمقابل إلى عدم القدرة على السيطرة على الرغبات حتى ولو كانت غير ضرورية، وبذل السبل العجيبة والمرهقة في تحقيق أي رغبة في ذات الوقت.
وفي المقابل يصف شاب أزمة مالية تعرضت لها أسرته أفقدتهم كل مصادر الدخل، ومعها المدخرات الخاصة بهم بعد رغد للعيش أنها حوّلته لتحمل المسئولية، وأنضجت شخصيته على نحو رائع؛ نتيجة أن والدته كانت تعتمد الاعتدال في تربيتهم في أشد لحظات الرخاء.. فقد كانت من الحكمة أن أدركت تقلبات الزمان، وأننا يجب أن نرفق بأطفالنا فلا نعطيهم حتى كل ما نستطيع؛ لأن الدنيا لن تعطيهم كل شيء.
منقول
"الكثير من الإزعاج أفضل من القليل من الدلال"، هذا هو حال لسان الأطباء والاختصاصيين النفسيين المتعاملين مع الأطفال، فهم يرون أن مسألة التدليل سهلة وبسيطة، لكن عواقبها وخيمة ليس على الطفل فقط، بل على كل المحيطين به وعلى رأسهم الوالدين
فلا يقتصر الدلال على مرحلة عمرية محددة، ولا هو مشكلة عرضية تأخذ وقتها وتزول، لكنه في الحقيقة مشكلة حية إن لم تُوأَد في مرحلة الطفولة نمت وشابت على صاحبها حتى الكهولة.
ويبدأ الطفل المدلل انحرافه بالإلحاح الشديد أو كما نطلق عليه "الزن"، فإن رغب في شيء، فإما أن يلبي مطلبه أو كان الصراخ والركل والضرب -وربما السب- وسائل ضغط تمارس على الوالدين حتى يذعنوا لرغباته.
أسبابه
وقد يكون حرص الأم الشديد على طفلها وخوفها عليه من التعرض لأي خطر، من أسباب تدليله، أو ربما لأنه طفلها الوحيد أو أنها وزوجها رُزِقا به بعد فترة طويلة من تأخر الإنجاب، أو أنه آخر العنقود، وقد يكون الدافع وراء التدليل شعور أحد الوالدين بطول فترة غيابه في العمل عن أطفاله، فيعمل لا شعوريًّا على تلبية رغباتهم كنوع من التعويض، وفي أحيان كثيرة يكون سفر أحد الوالدين للعمل بالخارج مبررًا كافيًا لإغداق أطفاله بالهدايا وتحقيق مطالبهم، لكن الوالدين بحبهما الفطري لطفلهما لا يدركان أنهما يدفعان به لهاوية الدلال الذي لا يقتصر ضرره على طفلهما فقط، بل بالمجتمع المحيط به أيضًا
فتساهل الوالدين مع طفلهما واستسلامهما لضغوطه وعدم تمييزهما لاحتياجاته الضرورية ورغباته يفسده ويغرس فيه حب الذات، وينمّي لديه حب الامتلاك والأنانية، فلا يعود يعلم شيئًا غير تلبية رغباته وإلا الصراخ. وبالطبع لا يقتصر الأمر على هذا فقط، فالتدليل يسلب من الطفل الإحساس بالمسئولية وحبه للمشاركة، بل يفقده كيفية الاعتماد على نفسه، حيث إن دلاله يدفعه للاتكال على غيره.
هذه المشكلة تنمو مع نمو الطفل، وتزداد سوءًا مع مراحل عمره المختلفة، ففي المدرسة مثلاً لا يستطيع أن يتخذ قرارًا دون الرجوع لوالديه، ويرفض أن يشترك معه زملاؤه في اللعب، يرفض أن يكون خاسرًا، ويرفض أن توبخه معلمته، مما يجعل منه طفلاً غير محبوب ليس بين أقرانه فقط، بل ومعلميه أيضًا. وفي المراهقة تكون فرصة الانحلال الأخلاقي والسلوكي أكبر، خاصة لو كان طلباته المادية مجابة فقد يتجه للمخدرات مع رفاق السوء
للدلال سمات
وبتحليل عدد من الاستشارات التربوية بموقع "إسلام أون لاين.نت" وجدنا أن الطفل المدلل له عدد من السمات تعلن عن سلوكه فهو:
متمرد يحتج على كل شيء ويصر على تحكيم رأيه.
فوضوي لا يتبع قواعد التهذيب ولا يستجيب لأي من التعليمات الموجهة إليه.
لحوح وكثير الطلبات.
قليل الصبر وملول فهو يستعجل الأمور ولا طاقة له على الصبر.
يتخذ من البكاء والصراخ سبلاً للضغط على ذويه لتلبيه رغباته.
تسيطر على الطفل المدلل الأنانية وحب السيطرة على إخوته والعنف في تصرفاته معهم لإحساسه بالتميز عنهم.
الطفل المدلل لا يستطيع الاعتماد على نفسه أو مواجهة متاعب ومصاعب الحياة فهو معدوم الشخصية.
الوقاية خير من الدلال
وحتى نقي أطفالنا خطر التدليل فقد نصح الاستشاريون والمختصون بضرورة الاعتدال في تربية الأطفال، فلا يكون الدلال مفرطًا ولا الحماية مشددة؛ حتى يتمكن الطفل من مواجه الحياة فيما بعد.
كما أن اشتراك الطفل في نادٍ أو إيجاد مكان له يمارس فيه بعض الأنشطة يعمل على تنمية روح التعاون لديه، فنشاطه مع فريق بغمسه مع أقرانه بالعمل الجماعي ينمي لديه إحساسه بروح الجماعة والعمل مع فريق.
بالإضافة إلى عدم التفرقة في المعاملة بينه وبين إخوته، فهذا يوجد بينهم العداوة والكراهية، مع ضرورة التأكيد على مبدأ الثواب والعقاب المناسبين للموقف.
ويُعَدّ المدح والذم أحد الأساليب الناجحة في تقويم سلوك الأبناء وهما سلاحان ذوا حدين، فالمدح إن زاد عن حده أمسلمب صاحبه الغرور، وكذلك الذم إن زاد أفقد صاحبه الثقة بنفسه وأضعف شخصيته؛ لذلك يمدح الطفل حين يلتزم السلوك الحسن ويعاقب بالذم إن أساء شريطة أن يكون المدح أو الذم مناسبين لحجم السلوك.
وتضيف أ. مديحة حسين خبيرة في الشئون التربوية:
إذا نظر كل أب وأم إلى عواقب التدليل وما يصنعه في نفس طفله على المدى البعيد لأدرك أهمية الالتزام بالاعتدال في التربية. فاستقبال منتجات التدليل تختلف من طفل إلى آخر، من حيث تأثيره على شخصيته أو تطور هذا التأثير، وامتداده إلى سلوكيات قد تصل إلى تدميره لذاته أو لمن حوله.
ولا أنسى تلك الشابة التي كانت تصف تدليل والدها لها بأنه عوَّدها على أن ينفذ لها كل ما تريد في نفس اللحظة؛ ليتحول الأمر إلى مصدر للحصول على اللذة التي تفقد إذا تأخر حصولها على ما ترغب به. وبالمقابل إلى عدم القدرة على السيطرة على الرغبات حتى ولو كانت غير ضرورية، وبذل السبل العجيبة والمرهقة في تحقيق أي رغبة في ذات الوقت.
وفي المقابل يصف شاب أزمة مالية تعرضت لها أسرته أفقدتهم كل مصادر الدخل، ومعها المدخرات الخاصة بهم بعد رغد للعيش أنها حوّلته لتحمل المسئولية، وأنضجت شخصيته على نحو رائع؛ نتيجة أن والدته كانت تعتمد الاعتدال في تربيتهم في أشد لحظات الرخاء.. فقد كانت من الحكمة أن أدركت تقلبات الزمان، وأننا يجب أن نرفق بأطفالنا فلا نعطيهم حتى كل ما نستطيع؛ لأن الدنيا لن تعطيهم كل شيء.
منقول