الحب والأنظمة العربية
طالت رحلتي كثيرا بحثا عن الحب ..
مالذي حول العالم حولنا إلى هذا الشكل العجيب من البرودة والقسوة.. لماذا توقف الإحساس بالآخر عند هذه الصورة الغريزية التي تنتهي بنشوة مفرغة من الروح منزوعة الذكريات ...لا ترتبط بملامح البشر أو رائحة المكان ..كل مكان بعيد عن العيون يستضيف تلك الرغبة التي لا تعني لكل من الشريكين إلا إحساس بالشبع أوالقرف ..تجمعهما مصلحة مؤقتة وتفرقهما كل الدنيا وانتفت عنهما صفة الحب التي أسقتطها من معالم الحياة حياتنا العقيمة التي استهلكتنا واستنزفت مشاعرنا وهجرتها لتصبح غريبة منفية تتسلل تائهة وقد اختلطت بالهرمونات التي تغري الأجساد باستضافتها لحظات ..
مالذي حولنا إلى هكذا نسخ مشوهة لا تعترف بالآخر إلا بقدر احتياجنا له ..
كيف سلبتنا الأيام ملكاتنا الوجدانية ..ملايين السنين مرت على أساطير خلدتها آلهة الحب والجمال والخصب وتلك الأسماء التي زينت أحلامنا في عمر المراهقة كيف سمحنا لشياطين الرعب والموت والاستهلاكيات أن تسرق بريقنا الإنساني وتجعلنا مستحاثات يخجل من صورها الموروث البشري ..كيف وصلنا إلى هذه الحالة من انعدام المشاعر ومقايضة كل مافينا من جوهر بمسلمرة خبز أو منصب في دائرة حكومية أو حتى نظرة رضا من أولي الأمر وفق هرم يتبادل المصالح ويتطلع كل من فيه إلى الطبقة الأعلى بعيون مصاص الدماء وحين يقتضي الأمر نستخدم الأسنان ...
أهو العجز نشط عدوانيتنا ...أم الحقد على الظلم الذي لم نعد نذكره من كثرة ما تعايشنا معه ..السيف في الحلق نلعقه فنشبع ..ويهيج طعم دمنا الذي اتخذناه غذاءا أحشاءنا الداخلية لنصبح معتادين على شهوة اللحم الآدمي فنسعى لتمزيق بعضنا دون أن ندري أن أول خلايا افترسناها كانت خلايانا ..........يتحدثون ويفرقعون فرقعاتهم الإعلامية ,رأسمالية,إمبريالية ..ويخطبون ..وحين تفتتح الولائم على بقاياها يسكرون ثم يشربون أنخاب شعوبهم المطحونة وعلى الطاولات نحن أول ما يبيعون ..نحن أرخص مايملكون لأننا ملحق التركة ورثوا الأوطان واضطروا أن يستلمونا ولهم الجمل وما حمل..
نحن اللحم الرخيص في هذه الدنيا ..نحن طعام الأوغاد!!لماذا أستغرب البرودة والقهر وهي اللغة التي يتعلمها الجميع في هذه الأوطان المستباحة ؟؟!!لماذا أستغرب طعنة الأخ للأخ في الظهر وقتلانا بيد إخوانهم على مر العصور أكثر بكثير من شهدائنا على يد الأعداء..
أريد أن أبكي ...لكن الدموع قد سرقت ..جمعوها وحولوها عرقا يلمع على لحم بناتنا اللواتي تحولن إلى راقصات على شاشات فضائياتهم
أومحظيات في أسرة شذوذهم ...أريد أن أبكي لكن ..عند أي مقبرة من المقابر سأبدأ .....عند المقابر الجماعية.. أم عند الأرحام التي يجب أن تنجب الجبناء ..وإلا فلتكن عقيمة ..عند السجون التي تبتلع كل من يجرأ على التفكير ..عند سرير طفلي الذي لا أعرف هل ستسحقه قذيفة أم يكبر فتقتله فكرة ...أو تجتاحه الحياة وتعلمه فلسفة الهزيمة
*** ميس نايف الكريدي***