التربية الوقائية وأثرها في تحديد الاتجاه
صفحة: 1/5
إن التربية الوقائية، والتنشئة الاجتماعية والنفسية، لهما أثر كبير وفعّال في تحديد الاتجاهات والقيم لدى الفرد والجماعات …
جاء في أصول الدعوة للدكتور عبد الكريم زيدان : ( والحقيقة أن الشريعة تُعنى بإصلاح الفرد إصلاحاً جذرياً، عن طريق تربيته على معاني العقيدة الإسلامية، ومنها : مراقبة الله عز وجل، وخوفه منه سبحانه وتعالى، وأداء ما افترضه عليه من ضروب العبادات. وهذا كله سيجعل نفسه مطواعة لفعل الخير ، كارهة لفعل الشر، بعيدة عن ارتكاب الجرائم. وفي هذا كله أكبر زاجر للنفوس. وبالإضافة إلى ذلك فإن الشريعة تهتم بطهارة المجتمع وإزالة مفاسده. ولهذا ألزمت الشريعة الأفراد بإزالة المنكر. ولا شك أن المجتمع الطاهر العفيف سيساعد كثيراً على منع الانحراف في الاتجاه والسلوك، وعلى منع الإجرام وقمع المجرمين، وسيقوي جانب الخير في النفوس، ويسد منافذ الشر التي تطل منها النفوس الضعيفة، وفي هذا ضمان أيضاً لتقوية النفوس وإعطائها مناعة ضد الانحراف والإجرام .
ولكن مع هذا كله، فقد تسول للبعض نفوسهم ارتكاب الجرائم، فكان لابد من عقوبة عاجلة زاجرة تمنعهم من العودة إليها، وتردع الآخرين الذين تسول لهم أنفسهم ارتكاب الجريمة، وفي هذا استقرار للمجتمع، وإشاعة للطمأنينة فيه ).
إن العملية التربوية يجب أن تبدأ بعد كشف الحالة التي عليها الفرد، لمعرفة: أفكاره، وكيف يفكر، تصرفاته وكيف يتصرف، علاقاته ومن يعاشر، مشكلاته ومسبباتها، ميوله وغرائزه ومدى تحكمه فيها، نقاط القوة والضعف عنده، مكامن الخير والشر فيه .... بعد ذلك، يمكن تحديد المنهج والاتجاه موضوعاً وكيفية ... وكل عملية تربوية تتم خلاف ذلك لا تحقق إلا تراكمات جديدة في شخصية الفرد، قد تصيب حيناً، لكنها تكون فاشلة في غالب الأحيان، لأن الجديد بُنِيَ على اعوجاج القديم .
يقول الشيخ فتحي يكن : ( الشائع والمعروف في عالم الطب، أن المرض يسبق العلاج، وأن الوقاية تسبق المرض، ولهذا قالوا : ( درهم وقاية خير من قنطار علاج ).
والطب الوقائي في الإسلام، يقوم على قواعد أساسية من التحصن من شأنها أن تمسلمب الجسم مناعة ذاتية تقيه غوائل العدوى والأمراض الوافدة وجراثيمها وفيروساتها المختلفة.
ويقول ابن القيم الجوزية : ( وقد اتفق الأطباء على أنه متى أمكن التداوي بالغذاء لا يُعدل عنه إلى الدواء .... أي كل داء قُدِرَ على دفعه بالأغذية والحِمْيَةِ لم يحاول دفعه بالأدوية ...
وجاء في كتاب " مع الطب في القرآن " للدكتور عبد المجيد دياب والدكتور أحمد قرقوز: (الفرق كبير بين أن نترك الإنسان ليُصاب بالمرض ثم نسعى لمعالجته، وبين أن نقيه من المرض أصلاً.
وإنه ليأخذ الناظرَ في كتاب الله سبحانه وتعالى العجب العُجاب حينما يجده قد أولى النواحي الوقائية الأهمية الكبرى، وأرسى دعائم الطب الوقائي، في الوقت الذي لم يُهمل معه النواحي العلاجية، قال الله تعالى : ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ) .