التناقض بين النظرية و الممارسة
لو سألت أي إنسان هل تحب الخير للناس ؟ سيجيبك : نعم
و لو سألت أي شخص هل تحب الظلم و القهر و العدوان سيجيبك : لا
و لو سألت أين فرد هل تحب الحرب و الدمار و الخراب سيجيبك : لا
و لو سألت أي إنسان هل تحب الألفة و المحبة و المودّة و الرحمة
سيجيبك : نعم فهل يعني هذا أن كل الناس يحبون الخير و يكرهون الشرّ
و يميلون إلى الجمال و يبتعدون عن القبح في القول و الفعل و المظهر ؟ .
و لو كان ذلك صحيحا فلماذا نجد أن المجتمع ساد فيه الشرّ و الكذب
و النفاق و الزيف و طغت فيه الأنانية و الأثرة الفردية ؟ . إن هذا
التناقض بين المصرّح به و الواقع المعيش يدلّ على أن هناك فرق
كبير بين التنظير و الممارسة أو بين القول و الفعل . فالذي يحدّثك
عن العدل و المساواة و الخير لجميع الناس فهو في الواقع لا يبحث
إلا عن التباهي بنفسه أمامك بإظهارها في صورة حسنة ، لذلك فلا
يجب أن نغترّ كثيرا بما نسمعه من خطب رنّانة مليئة بالوعود الزائفة
و الأماني الكاذبة يلقيها علينا أشخاص تميزوا سلبا بجشعهم و جبروتهم
و حبّهم المفرط لذواتهم .
يجب أن نعرف دائما أن الخبر في البلاغة كلام ، و الكلام يحتمل الصدق
و الكذب و مع الأسف نجد نسبة الكذب أعلى بكثير من نسبة الصراحة
و هو ما يدلّ على
أنّ التنظير سهل و لكنّ الممارسة على غاية من الصعوبة . فمتى يأتي
اليوم الذي توافق فيه النظرية الممارسة ؟؟؟
.................... .................... .......
إنك لو سمعت الأخبار المحلية لبلدك ستجد أن نسبة النموّ
في الإنتاج الفلاحي تقدّر بـ ....؟ و نسبة النموّ في المجال
الصناعي تقدّر بـ ....؟ و في المجال السياحي تقدر ب....؟
و تسمع بأن نسبة الفقر قد تقلصت و نسبة التعلّم قد ارتفعت
و تسمع الكثير من الأخبار التي تدلّ على المجهودات التي
تبذلها الحومة من أجل تجاوز الأزمات و حل المشاكل و خدمة
المواطن ....
و لكنك عندما تخرج من بيتك إلى الشارع و ترى عدد المتسوّلين
و الفقراء و العراة و الجياع تتأكد أن كل ما كنت تسمعه هو مجرّد
أكاذيب و تنظيرات فارغة لا أساس لها من الصّحة ، و تتأكد أن
الفرق كبير جدا بين النظرية و الممارسة.
.................... .................... ...........
إنك لو سمعت أي خطاب سياسي في بلدك ستجده
ممتلئا بالوعود . فلا وجود للظلم و لا وجود للمحاكمات
السياسية التعسفيّة ، و لا وجود للتعذيب و القهر و القمع
و ستجد هذا المسؤول يتحدث عن العدل و عن تكافؤ الفرص
بين مختلف الأفراد و الشرائح الإجتماعية ، و ستجده
يتحدث عن حقوق الإنسان و عن حقوق الحيوان و الحشرات .
و لكنك إذا عدت للواقع تجد أن ما سمعته ليس إلا حلما صعب
التحقيق إن لم يكن مستحيلا ، فالعدل لا وجود له على أرض
الواقع و المساواة لا يعرف الناس معناها الحقيقي ، و هو ما
يؤكد أن التنظير يتناقض تماما مع الممارسة .
.................... .................... ............
يتحدث رئيس ناديك المفضل في بداية الموسم الرياضي
فيصرّح بأنه قام بانتدابات لها قيمة ، فأتي بلاعبين من ذوي
المهارات العالية ، و انتدب ممرنا له من الكفاءة الشيء الكثير
و قام الفريق بتربصات و بمباريات وديّة عديدة تجعله يلعب
في هذا الموسم الرياضي من أجل الحصول على لقب البطولة .
ثمّ يصرّح نفس المسؤول في نهاية السنة الرايضية فيقول : "
لقد تمكنّا رغم قلة الإمكانيات و عدم إمتلاكنا للاعبين لهم الكفاءة
اللازمة من البقاء في القسم الممتاز ، أو يقول لقد تحصلنا على
مرتبة مشرفة رغم الصعوبات التي يعانيها الفريق .
أليس هناك فرق كبير بين التنظير و الممارسة ؟؟؟
.................... .................... ...........
ندرس في المعاهد و الجامعات عن الخير بين الناس ،
و عن التعاون و التآزر و التكافل بين البشر ، و ندرس
قيم الفضيلة و الصدق و الصراحة في القول و العمل ،
و ندرس المثل الفاضلة و الأخلاق الحسنة و قيم الإنسانية ,
و ندرس و ندرس و ندرس .... و لكننا نكتشف في لحظة
أن كل ما درسناه ليس إلا مجرّد تنظيرات جوفاء ، و أن
الحقيقة الممارسة نقيض ما تعلمناه نكتشف فجأة أن الذي
يحكمنا هو قانون الغاب " القويّ يأكل الضعيف " و نكتشف
أن السلطة الطاغية على الأفراد و الجماعات هي سلطة
الذات و المصالح الخاصة. أليست النظرية بعيدة كلّ البعد
عن الممارسة ؟؟؟؟
.................... .................... ....
تذهب إلى أي تاجر يبيع أي بضاعة و تسأله عن بضاعته سيقول لك
إنّ هذه البضاعة صحية ، و لا يوجد مثيل لها في السّوق ، سيقول
لك إن سعرها مناسب جدا و منخفض إلى أقصى حدّ ، و بأنه حبّا لك
سيزيد من تخفيض السّعر ، سيقول لك بأن هذه البضاعة تقاوم الزمن
و تعيش مدّة طويلة ، و تتأقلم مع جميع الظروف و المناسبات . و لكنّك
عندما تشتري هذه البضاعة تكتشف أنها فاسدة ، و أن كلّ ما قيل عنها
زيف و كذب ، و تكتشف أن التاجر باعك إياها بضعف ثمنها الحقيقي .
أليس هناك فرق كبير و تناقض صارخ بين النظرية و الممارسة ؟؟؟؟
.................... .................... .............
تتصفح جريدة أو تستمع إلى موجات إذاعة وطنية أو تشاهد بعض
البرامج التلفزيونية فتجد أخبارا مفرحة تبهج القلب ، فلقد تحسنت
الخدمات المقدّمة إلى المواطن في مختلف المجالات الحياتية
كالصحة و التعليم و السكن و الشغل و .... و تعلم من خلال
وسائل الإعلام أن المسؤولين في بلدك لا ينامون ، و يسهرون
على مصلحة المواطن ، و يسعون إلى تقديم كل ما في وسعهم
من أجل راحته و توفير الغد المشرق له و لكافة أبناء الوطن ،
و لكنك عندما تزور أي مؤسسة عمومية تلاحظ أن مستوى
الخدمات زاد تدهورا ، و أن عدد الموظفين في القطاع العمومي
تقلص بالرغم من ازدياد عدد السكان ، و تلاحظ أن أبناء
وطنك يتضورون جوعا و لا يجدون ثمن الدواء و المسلماء
و لا يجدون مساكن تأويهم فتكتشف أن بين التنظير
و الممارسة بون شاسع و تتأكد من أن التنظير و الممارسة
خطان متوازيان لا يلتقيان أبدا .
.................... .................... ........
تعدك حبيبتك بالوفاء ، و بأنها لا ترى في العالم إلا أنت
و بأنّها لا تهتمّ بالمادة و لا بالهدايا و لا بالذهب و المجوهرات
و بأنها تقبل العيش معك مهما كانت ظروفك ، و تعدك بأنها
ستساعدك و ستقف إلى جانبك ، و بأنها مستعدّة لمؤازرتك
من أجل بناء عشّ الزوجيّة ، و بأنها لا تعيش إلا بنبض القلب
و ستضحي بحياتها من أجلك ، فأنت بالنسبة إلها الهواء الذي
تتنفسه . و لكنّك تكتشف بعد مدّة أن حبيبتك فضّلت عليك
شخصا غنيا و ليس له مستوى تعليمي و سنّه ضعف سنّك.
فتعرف أن القول و الفعل متباينان إلى أبعد الحدود.
.................... .................... ..........
يحدثك عن حب الإنسان ، و عن الخير لكل البشر ، و يحدثك
عن التضحية بالنفس في سبيل المجموعة و من أجل الإرتقاء
بالوطن إلى أعلى الدرجات ، يحدّثك عن التعاون و التآزر و التكافل
الإجتماعي و يوصيك بضرورة مساعدة الآخرين من المحتاجين
و المساكين ، و يؤكد لك أن سعادة الإنسان لا تتحقق إلا بسعادة
المجتمع الذي يعيش فيه ، و يحثّك على ضرورة التحلي بالقيم
الإنسانية الفاضلة . ثمّ تسمع في الغد أنه سافر إلى بلاد بعيدة
و قد اختلس من أموال المؤسسة التي يعمل بها مبلغا ضخما .
أليس هناك تناقض بين التنظير و الممارسة ؟؟؟؟
.................... .................... .........
يحدّثك طويلا عن يوم الحساب يوم لا ينفع لا مال و لا بنون
و يحدثك عن الجنّة التي وعد الله بها المؤمنين من عباده
و يحدّثك عن الجحيم الذي ينتظر الخونة و المرتدّين من السّفلة
و يحدّثك كثيرا عن راحة القلب و اطمئنان النفس لفعل الخير
و طاعة الله و رسوله ، فتشعر براحة لا توصف ، و تقرر أن تهب
حياتك كلّها لنيل رضاء الله و إتباعا لطريق الحقّ . لكنّك تكتشف
بعد ذلك أنّ محدّثك يتّخذ الدين ستارا يحجب به جرائمه و يحقق
من خلاله أطماعه الدنيوية الزائلة .
أليس هناك تناقض صارخ بين التنظير و الممارسة ؟؟؟؟
.................... .................... .......
تستمع إلى خطاب رئيس إحدى الدول الغنية و القوية عسكريا
و ماديا فيتحدّث عن العدل و الإنسانية ، و يتحدث عن السلام
و الخير لكل الناس ، و يتحدث عن حقوق الإنسان و عن التوزيع
العادل للثروات ، و يرفض الظلم و السطو و الإستعمار و التدخل
في شؤون الدول الأخرى . ثمّ تسمع بعد أيام أنّ هذا الزعيم
يشنّ حربا على دولة أخرى لتحقيق أطماع مادية و عسكرية
و لتحقيق أهداف آنية و استراتيجية .
ألا يعمسلم هذا التناقض بين النظرية و الممارسة ؟؟؟؟
.................... .................... ........
هو لا يعطيك أجرا ، و لا يتحكم في مصيرك و لا في حياتك
يقول لك كلاما جميلا عن العدل و حرية الرأي و عن حقّ
الإختلاف ، و يشجعك على أن تكون فضاء مفتوحا تعبر عن
خلجات صدرك و عن أحاسيسك بتلقائية و وضوح ، و لكن
عندما تختلف معه في الرأي يظنّ أنّك تستهدفه و أنّك
تقزّم من سلطته و تحدّ من فعله ، فيهددك و يشنّ عليك
حربا ، و يشوّه صورتك و ينسب إليك من الأفعال ما لم تفعله
و من الأقوال ما لم تقله .
أليس هناك بون شاسع بين التنظير و الممارسة ؟؟؟؟
.................... .................... ...........
إنّ هذه شواهد حيّة مما نعيشه و نسمعه كلّ يوم تدلّ على أنّ
البون شاسع بين القول و الفعل و بين النظرية و الممارسة ،
و تؤكد على أنّ المجتمع الذي نعيشه مجرّد مسرحية أبطالها
من خيال و أقولها تذروها الرّياح . و هذا لا يعني أنّ هناك فئة
قليلة متمسكة بقول الصدق و تسعى جاهدة إلى أن تتطابق
أقولها مع أعمالها .
فهل ترون أنّ النظرية بعيدة كلّ البعد عن الممارسة ؟
و ما هي أسباب هذا التناقض بين القول و الفعل ؟
و ما هي الطرق الكفيلة بعلاج هذه الظاهرة ؟
الهادي الزغيدي
لو سألت أي إنسان هل تحب الخير للناس ؟ سيجيبك : نعم
و لو سألت أي شخص هل تحب الظلم و القهر و العدوان سيجيبك : لا
و لو سألت أين فرد هل تحب الحرب و الدمار و الخراب سيجيبك : لا
و لو سألت أي إنسان هل تحب الألفة و المحبة و المودّة و الرحمة
سيجيبك : نعم فهل يعني هذا أن كل الناس يحبون الخير و يكرهون الشرّ
و يميلون إلى الجمال و يبتعدون عن القبح في القول و الفعل و المظهر ؟ .
و لو كان ذلك صحيحا فلماذا نجد أن المجتمع ساد فيه الشرّ و الكذب
و النفاق و الزيف و طغت فيه الأنانية و الأثرة الفردية ؟ . إن هذا
التناقض بين المصرّح به و الواقع المعيش يدلّ على أن هناك فرق
كبير بين التنظير و الممارسة أو بين القول و الفعل . فالذي يحدّثك
عن العدل و المساواة و الخير لجميع الناس فهو في الواقع لا يبحث
إلا عن التباهي بنفسه أمامك بإظهارها في صورة حسنة ، لذلك فلا
يجب أن نغترّ كثيرا بما نسمعه من خطب رنّانة مليئة بالوعود الزائفة
و الأماني الكاذبة يلقيها علينا أشخاص تميزوا سلبا بجشعهم و جبروتهم
و حبّهم المفرط لذواتهم .
يجب أن نعرف دائما أن الخبر في البلاغة كلام ، و الكلام يحتمل الصدق
و الكذب و مع الأسف نجد نسبة الكذب أعلى بكثير من نسبة الصراحة
و هو ما يدلّ على
أنّ التنظير سهل و لكنّ الممارسة على غاية من الصعوبة . فمتى يأتي
اليوم الذي توافق فيه النظرية الممارسة ؟؟؟
.................... .................... .......
إنك لو سمعت الأخبار المحلية لبلدك ستجد أن نسبة النموّ
في الإنتاج الفلاحي تقدّر بـ ....؟ و نسبة النموّ في المجال
الصناعي تقدّر بـ ....؟ و في المجال السياحي تقدر ب....؟
و تسمع بأن نسبة الفقر قد تقلصت و نسبة التعلّم قد ارتفعت
و تسمع الكثير من الأخبار التي تدلّ على المجهودات التي
تبذلها الحومة من أجل تجاوز الأزمات و حل المشاكل و خدمة
المواطن ....
و لكنك عندما تخرج من بيتك إلى الشارع و ترى عدد المتسوّلين
و الفقراء و العراة و الجياع تتأكد أن كل ما كنت تسمعه هو مجرّد
أكاذيب و تنظيرات فارغة لا أساس لها من الصّحة ، و تتأكد أن
الفرق كبير جدا بين النظرية و الممارسة.
.................... .................... ...........
إنك لو سمعت أي خطاب سياسي في بلدك ستجده
ممتلئا بالوعود . فلا وجود للظلم و لا وجود للمحاكمات
السياسية التعسفيّة ، و لا وجود للتعذيب و القهر و القمع
و ستجد هذا المسؤول يتحدث عن العدل و عن تكافؤ الفرص
بين مختلف الأفراد و الشرائح الإجتماعية ، و ستجده
يتحدث عن حقوق الإنسان و عن حقوق الحيوان و الحشرات .
و لكنك إذا عدت للواقع تجد أن ما سمعته ليس إلا حلما صعب
التحقيق إن لم يكن مستحيلا ، فالعدل لا وجود له على أرض
الواقع و المساواة لا يعرف الناس معناها الحقيقي ، و هو ما
يؤكد أن التنظير يتناقض تماما مع الممارسة .
.................... .................... ............
يتحدث رئيس ناديك المفضل في بداية الموسم الرياضي
فيصرّح بأنه قام بانتدابات لها قيمة ، فأتي بلاعبين من ذوي
المهارات العالية ، و انتدب ممرنا له من الكفاءة الشيء الكثير
و قام الفريق بتربصات و بمباريات وديّة عديدة تجعله يلعب
في هذا الموسم الرياضي من أجل الحصول على لقب البطولة .
ثمّ يصرّح نفس المسؤول في نهاية السنة الرايضية فيقول : "
لقد تمكنّا رغم قلة الإمكانيات و عدم إمتلاكنا للاعبين لهم الكفاءة
اللازمة من البقاء في القسم الممتاز ، أو يقول لقد تحصلنا على
مرتبة مشرفة رغم الصعوبات التي يعانيها الفريق .
أليس هناك فرق كبير بين التنظير و الممارسة ؟؟؟
.................... .................... ...........
ندرس في المعاهد و الجامعات عن الخير بين الناس ،
و عن التعاون و التآزر و التكافل بين البشر ، و ندرس
قيم الفضيلة و الصدق و الصراحة في القول و العمل ،
و ندرس المثل الفاضلة و الأخلاق الحسنة و قيم الإنسانية ,
و ندرس و ندرس و ندرس .... و لكننا نكتشف في لحظة
أن كل ما درسناه ليس إلا مجرّد تنظيرات جوفاء ، و أن
الحقيقة الممارسة نقيض ما تعلمناه نكتشف فجأة أن الذي
يحكمنا هو قانون الغاب " القويّ يأكل الضعيف " و نكتشف
أن السلطة الطاغية على الأفراد و الجماعات هي سلطة
الذات و المصالح الخاصة. أليست النظرية بعيدة كلّ البعد
عن الممارسة ؟؟؟؟
.................... .................... ....
تذهب إلى أي تاجر يبيع أي بضاعة و تسأله عن بضاعته سيقول لك
إنّ هذه البضاعة صحية ، و لا يوجد مثيل لها في السّوق ، سيقول
لك إن سعرها مناسب جدا و منخفض إلى أقصى حدّ ، و بأنه حبّا لك
سيزيد من تخفيض السّعر ، سيقول لك بأن هذه البضاعة تقاوم الزمن
و تعيش مدّة طويلة ، و تتأقلم مع جميع الظروف و المناسبات . و لكنّك
عندما تشتري هذه البضاعة تكتشف أنها فاسدة ، و أن كلّ ما قيل عنها
زيف و كذب ، و تكتشف أن التاجر باعك إياها بضعف ثمنها الحقيقي .
أليس هناك فرق كبير و تناقض صارخ بين النظرية و الممارسة ؟؟؟؟
.................... .................... .............
تتصفح جريدة أو تستمع إلى موجات إذاعة وطنية أو تشاهد بعض
البرامج التلفزيونية فتجد أخبارا مفرحة تبهج القلب ، فلقد تحسنت
الخدمات المقدّمة إلى المواطن في مختلف المجالات الحياتية
كالصحة و التعليم و السكن و الشغل و .... و تعلم من خلال
وسائل الإعلام أن المسؤولين في بلدك لا ينامون ، و يسهرون
على مصلحة المواطن ، و يسعون إلى تقديم كل ما في وسعهم
من أجل راحته و توفير الغد المشرق له و لكافة أبناء الوطن ،
و لكنك عندما تزور أي مؤسسة عمومية تلاحظ أن مستوى
الخدمات زاد تدهورا ، و أن عدد الموظفين في القطاع العمومي
تقلص بالرغم من ازدياد عدد السكان ، و تلاحظ أن أبناء
وطنك يتضورون جوعا و لا يجدون ثمن الدواء و المسلماء
و لا يجدون مساكن تأويهم فتكتشف أن بين التنظير
و الممارسة بون شاسع و تتأكد من أن التنظير و الممارسة
خطان متوازيان لا يلتقيان أبدا .
.................... .................... ........
تعدك حبيبتك بالوفاء ، و بأنها لا ترى في العالم إلا أنت
و بأنّها لا تهتمّ بالمادة و لا بالهدايا و لا بالذهب و المجوهرات
و بأنها تقبل العيش معك مهما كانت ظروفك ، و تعدك بأنها
ستساعدك و ستقف إلى جانبك ، و بأنها مستعدّة لمؤازرتك
من أجل بناء عشّ الزوجيّة ، و بأنها لا تعيش إلا بنبض القلب
و ستضحي بحياتها من أجلك ، فأنت بالنسبة إلها الهواء الذي
تتنفسه . و لكنّك تكتشف بعد مدّة أن حبيبتك فضّلت عليك
شخصا غنيا و ليس له مستوى تعليمي و سنّه ضعف سنّك.
فتعرف أن القول و الفعل متباينان إلى أبعد الحدود.
.................... .................... ..........
يحدثك عن حب الإنسان ، و عن الخير لكل البشر ، و يحدثك
عن التضحية بالنفس في سبيل المجموعة و من أجل الإرتقاء
بالوطن إلى أعلى الدرجات ، يحدّثك عن التعاون و التآزر و التكافل
الإجتماعي و يوصيك بضرورة مساعدة الآخرين من المحتاجين
و المساكين ، و يؤكد لك أن سعادة الإنسان لا تتحقق إلا بسعادة
المجتمع الذي يعيش فيه ، و يحثّك على ضرورة التحلي بالقيم
الإنسانية الفاضلة . ثمّ تسمع في الغد أنه سافر إلى بلاد بعيدة
و قد اختلس من أموال المؤسسة التي يعمل بها مبلغا ضخما .
أليس هناك تناقض بين التنظير و الممارسة ؟؟؟؟
.................... .................... .........
يحدّثك طويلا عن يوم الحساب يوم لا ينفع لا مال و لا بنون
و يحدثك عن الجنّة التي وعد الله بها المؤمنين من عباده
و يحدّثك عن الجحيم الذي ينتظر الخونة و المرتدّين من السّفلة
و يحدّثك كثيرا عن راحة القلب و اطمئنان النفس لفعل الخير
و طاعة الله و رسوله ، فتشعر براحة لا توصف ، و تقرر أن تهب
حياتك كلّها لنيل رضاء الله و إتباعا لطريق الحقّ . لكنّك تكتشف
بعد ذلك أنّ محدّثك يتّخذ الدين ستارا يحجب به جرائمه و يحقق
من خلاله أطماعه الدنيوية الزائلة .
أليس هناك تناقض صارخ بين التنظير و الممارسة ؟؟؟؟
.................... .................... .......
تستمع إلى خطاب رئيس إحدى الدول الغنية و القوية عسكريا
و ماديا فيتحدّث عن العدل و الإنسانية ، و يتحدث عن السلام
و الخير لكل الناس ، و يتحدث عن حقوق الإنسان و عن التوزيع
العادل للثروات ، و يرفض الظلم و السطو و الإستعمار و التدخل
في شؤون الدول الأخرى . ثمّ تسمع بعد أيام أنّ هذا الزعيم
يشنّ حربا على دولة أخرى لتحقيق أطماع مادية و عسكرية
و لتحقيق أهداف آنية و استراتيجية .
ألا يعمسلم هذا التناقض بين النظرية و الممارسة ؟؟؟؟
.................... .................... ........
هو لا يعطيك أجرا ، و لا يتحكم في مصيرك و لا في حياتك
يقول لك كلاما جميلا عن العدل و حرية الرأي و عن حقّ
الإختلاف ، و يشجعك على أن تكون فضاء مفتوحا تعبر عن
خلجات صدرك و عن أحاسيسك بتلقائية و وضوح ، و لكن
عندما تختلف معه في الرأي يظنّ أنّك تستهدفه و أنّك
تقزّم من سلطته و تحدّ من فعله ، فيهددك و يشنّ عليك
حربا ، و يشوّه صورتك و ينسب إليك من الأفعال ما لم تفعله
و من الأقوال ما لم تقله .
أليس هناك بون شاسع بين التنظير و الممارسة ؟؟؟؟
.................... .................... ...........
إنّ هذه شواهد حيّة مما نعيشه و نسمعه كلّ يوم تدلّ على أنّ
البون شاسع بين القول و الفعل و بين النظرية و الممارسة ،
و تؤكد على أنّ المجتمع الذي نعيشه مجرّد مسرحية أبطالها
من خيال و أقولها تذروها الرّياح . و هذا لا يعني أنّ هناك فئة
قليلة متمسكة بقول الصدق و تسعى جاهدة إلى أن تتطابق
أقولها مع أعمالها .
فهل ترون أنّ النظرية بعيدة كلّ البعد عن الممارسة ؟
و ما هي أسباب هذا التناقض بين القول و الفعل ؟
و ما هي الطرق الكفيلة بعلاج هذه الظاهرة ؟
الهادي الزغيدي