يعتبر الخوف من الله ، بحق، برنامجا شاملا يصلح في كل مجال، يصلح للسياسة كما الاقتصاد، ويصلح للتعليم كما في التجارة، ويصلح في التعاطي مع قضايا الداخل كما في قضايا الخارج .. ويصلح في تربية الصغار كما يصلح في تصحيح مسار الكبار...فهو إذن الوتد الذي يدور حوله كل شأن من شؤوننا وبدونه لا يصلح لنا حال ولا يستقيم لنا شان...ولذلك من عجائب الأمور أن يظن الظان بأن هذه الأمة يمكن لها أن تنهض بالكفاءة وحدها . فجميع البرامج التنموية التي كان يمكن أن يعول عليها في بناء صرح الأمة فشلت كما فشلت كل التخطيطات لأن نقطة من أهم النقط كانت تنقص من ضمن هذه البرامج والتخطيطات وهي الخوف من الله. فالخوف من الله معيار دقيق لصلاح العباد والبلاد. كما أنه معيار لتحديد الصادقين، الذين يبدلون الغالي والنفيس من أجل بناء شأن الأمة والدفاع عن قضاياها العادلة ، من الخونة والعملاء.. فعندما كان حكام العرب لا يخافون من الله تعالى ويقدرونه حق قدرهم تاجروا في قضايانا المقدسة ونهبوا الأموال والثروات وباعوا الأرض والعرض..ووالوا الأعداء وخذلوا المؤمنين واتخذوا مواقف متخاذلة وأحبوا الكراسي والمناصب ومن أجلها ضحوا بكل شيء فظلموا العباد واتخذوا الجواري والغلمان.. ولكن الخوف من الله ليس معيارا فقط صالح لتحديد من من الحكام مع الشعوب العربية المسلمة ومن مع قضايانا المصيرية الشائكة ومن يحرس الكرامة من أن تهان ويحمي العرض من أن ينتهك ويحفظ المقدسات من أن تداس. بل يصلح لنا نحن كذلك نحن المسلمين لأن هؤلاء الحكام هم منا انبثقوا ومن مجتمعنا خرجوا وكما نكون يولى علينا.. فلنعرف إذن من خلال هذا الاستبيان مدى خوفنا من الله تعالى عسى أن يرحمنا ويولي علينا خيارنا ولا يولي علينا شرارنا. القسم الأول : دلائل الخوف من الله عز وجل يتضمن هذا القسم الأسئلة التالية : - هل تشعر بالخوف عندما تفكر بصفات الله عز وجل ؟ - هل تكثر في دعائك من قول: " يا مثبت القلوب ثبت قلبي على دينك " ؟ - هل منعك خوفك من الله عز وجل من أكل الحرام مع كونك كنت محتاجا ؟ - هل تشعر بالخوف إذا تفكرت ذنوبك الماضية والحاضرة ؟ - هل كففت يوماً عن معصية خوفاً من عقاب الله عز وجل عليها ؟ - هل تقوم بالطاعة وتخاف أن لا يتقبّلها الله عز وجل منك ؟ - هل تخاف أن تموت على غير الإسلام ؟ - هل تخاف من الموت وما بعده من عذاب القبر وعذاب يوم القيامة ؟ إذا كانت أغلب الإجابات عن هذه القسم من الأسئلة بنعم ، فإن هذا يدلّ على أنك، إن شاء الله تعالى، تخاف لله عز وجل خوفاًً تفوز نتيجته بالجنة بإذن الله تعالى، وذلك لوجود الدلائل التالية : 1- وَعْدُ القرآن الكريم والسُّنة النبوية الشريفة للخائف بالفوز بالجنة والنجاة من النار ، قال تعالـى : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان) الرحمن ، 46. وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي : ( قال الله عز وجل : وعزتي و جلالي لا أجمع على قلب عبدي خوفين ولا أجمع له أمنين فإن أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة ، وإن خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة ) ، أخرجه ابن حِبَان . 2- اقتران الخوف بالعلم والمعرفة ، وهذان الأمران ، الخوف والعلم ، أمران متلازمان في المسار ، فكلما زاد الإنسان معرفة بالله عز وجل وصفاته ازداد خوفاً منه عز وجل ، يقول تعالى واصفاً العلماء : يخشى الله من عباده العلماء سورة فاطر 28 وقال أحد العلماء : " من كان بالله أعلم كان له أخوف " . القسم الثاني : دلائل ضعف الخوف من الله عز وجل يتضمن هذا القسم الأسئلة التالية : - هل تعتقد أن الله عز وجل سيُدخل الجنة كل الناس لكونه غفوراً رحيماً ؟ - هل تشعر أنك ستدخل الجنة مع علمك بتقصيرك في العبادات والطاعات ؟ - هل تعتقد أنك تقوم بكل العبادات المطلوبة منك على أحسن وجه ؟ - هل تشعر أنك لم ترتكب في حياتك ذنوباً تستحق العقاب ؟ - هل تخاف من الناس أكثر مما تخاف من الله عز وجل ؟ - هل تشعر أن للجنِّ والإنس قُدرة على جلب النفع ومنع الضُّر؟ - هل تخاف أن تصاب بالفقر والجوع والمرض ؟ - هل تأمن على نفسك من سوء الخاتمة ومن عذاب القبر وعذاب جهنم ؟ إذا كانت معظم الإجابات على هذا القسم بالإيجاب فاحذر وخف على دينك ، فإن خوفك من الله عز وجل خوف ناقص ويؤثر على صحة إيمانك ، وذلك لأسباب عديدة منها : 1- لن يدخل المؤمن الجنة بعمله بل يدخلها برحمة الله عز وجل ، قال صلى الله عليه وسلـم : ( لن ينجي أحداً منكم عملُهُ ) ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ( ولا أنا إلا أن يتغمَّدني الله برحمته ) رواه البخاري. 2- لن يصح إيمان العبد ما لم يخف من عقوبة الله سبحانه وتعالى على ذنبه ، فالعبد بين مخافتين "ذنب قد مضى ولا يدري ما الله يصنعُ فيه وبين أجلٍ قد بقي لا يدري ما يصيب منه من المهالك ". 3- لا يسلم الإنسان من الابتلاء في هذه الدار، لأن من صفتها أنها دار بلاء بينما الآخرة هي دار الجزاء ، قال بعض الحكماء : " من قال لأخيه صرف الله عنك المكاره فكأنه دعا عليه بالموت إذ صاحب الدنيا لا بد له من مقاساة المكاره " . ومما يعين المؤمن في مواجهة بلاء الله عز وجل الإيمان بالقضاء والقدر الذي يبعث الراحة والاطمئنان في القلب إذ لولا هذا الإيمان " لحدث ضغط نفسي شديد على بعض الأشخاص قد يؤدي بهم إلى أمراض عقلية خطيرة وإن أغلب إصابات الجنون لتأتي من المأزق الذي يقع فيه الشخص عندما يحار في تعليل بعض الحوادث الخطيرة التي تنزل به أو بغيره " . 4- لا يصح إيمان عبد ما لم يؤمن بأن النفع والضر والرزق والعطاء بيد الله ، وإن الجن لا يستطيعون أذية المؤمن بل هم لا يؤذون "إلا من استكان بأوهامه وتخيُّلاته لسلطانهم من ذكر أو أنثى أو يتعرض لتقبل مسّهم واستعاذته بهم والتماسه نفعهم واستخدامهم للإضرار بأعدائه من إخوانه من الإنس أو يغفل عن ذكر الله وتلاوة القرآن ويتجافى عن التحصن بالأوراد المأثورة والاستعاذات الدائمة بالله من همزات الشيطان ومن حضورهم ". قال تعالى في هذا المعنى ، إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين) الحجر ، 42.(: 5- لا يصح إيمان العبد إلا بخوفه من الموت وما يسبقه من سكرات الموت وما يتبعه من خوف من عذاب القبر وخوف من أهوال يوم القيامة وعذاب النار ، فقد استعان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالله عز وجل على سكرات الموت ، وكان عليه الصلاة والسلام يكثر من الاستعاذة من عذاب القبر ومن عذاب جهنم ، لأن عذاب المرء الأخروي يبدأ من القبر ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنما القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار ) ،رواه الترمذي . وفي ختام هذا الاختبار أذكرك ، كما أذكر نفسي ، بأن في الخوف من الله عز وجل أمان من كل خوفٍ آخر ، ففيما يهرب الخائف من غير الله عز وجل من الأسباب التي سببت له الخوف ، يفرّ الخائف من الله عز وجل إليه لعلمه بأن لا أمان ولا راحة ولا طمأنينة إلا معه ، اللهم اجعلنا ممن يخاف عقابك ويرجو ثوابك ، اللهم آمين . |
2 مشترك
اختبر مدى خوفك من الله
ابن الجبل- مشرف منتدى التنمية البشرية
- عدد المساهمات : 115
- مساهمة رقم 1
اختبر مدى خوفك من الله
فاتحة- مشرفة منتدى الطرائف والالغاز
- عدد المساهمات : 113
- مساهمة رقم 2
رد: اختبر مدى خوفك من الله
السلام عليكم ورحمة الله
جازاك الله خيرا، يا أخي يا ابن الجبل، على موضوعك الطيب، والذي فعلا أغفلناه في حياتنا، لتسارع وثيرة الحياة التي نعيشهاولانشغالنا بأمور دنيانا الفانية، عن أمور آخرتنا الباقية، لكن يمكن أن أقول على نفسي بأن كل تساؤلاتك عن الخوف من الله أجبت عليها بنعم، لكن لا أخفيك، أنني مرارا أقوم بأشياء، وأحسن الظن بالله،وأحس مرارا والله العظيم بأن الله يحبني، لا أعرف، هذا إحساسي ومن زمان،رغم أن لي ذنوباوصلت عنان السماء، أتمنى من الله عز وجل أن يغفرها لي، في مرة سألتني أختي،هل تستحضرين الله سبحانه وتعالى، في كل وقت،أجبتها بالإيجاب، لكنني استطردت، بأنني أحس بأن الله سبحانه وتعالى سيغفر لي ذنوبي، لأنني أحسن الظن به تعالى.
فاللهم، أحسن خاتمتنا جميعا،واجعلنا ممن يسمعون القول ويتبعون أحسنه.
جازاك الله خيرا يا أخي، دمت في حفظ الله ورعايته
ابن الجبل- مشرف منتدى التنمية البشرية
- عدد المساهمات : 115
- مساهمة رقم 3
رد: اختبر مدى خوفك من الله
جزاك الله خيرا يا فاتحة الخير على إضافتك القيمة ونسأل الله تعالى أن يعيننا لنكون من الخاشعين الخائفين منه ومن عذابه وفي نفس الوقت من الراجين رحمته.
لكن حول مسألة حسن الظن بالله هناك ما يسبقها وهو حسن العمل كما قيل أحسن العمل ثم أحسن الظن بالله.
وفقنا الله وإياكم لما فيه خير الدارين.