جاء في رواية الكافي وتمسك بها الكثير من عظماء الشيعة منهم محب الدين الخطيب وإحسان ظهير وغيرهم.
قال: عن عدة من أصحابنا([1] )عن أبي عبد الله([2]) قال: " وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام، وما يدريك ما مصحف فاطمة؟ مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، وما فيه من قرآنكم هذا حرف واحد"
وفي رواية عن فضيل بن سكرة قال:" دخلت على أبي عبد الله عليه السلام، فقال يافضيل أتدري في أي شيء أنظر قبيل؟ قال: قلت : لا. قال: كنت أنظر في كتاب فاطمة عليها السلام، ليس من ملك يملك الأرض، إلا وهو مكتوب فيه باسمه واسم أبيه، وما وجدت لولد الحسن فيه شيئا"
وقد أنكر الأستاذ عبد الهادي الصالح وجود أي مصحف آخر لدى الشيعة وأكد أن مصحف فاطمة ليس قرآنا بل صحيفة، وإن من يقول بذلك يستند إلى الموضوعات المحرفة أو إلى كلام مدسوس.([3]) إن ثقافتنا الشرعية والعلم بها والاطلاع عليها تمنحنا حصانة ضد مثل هذه الروايات والقول من إمكان وجود قرآن آخر غير القرآن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم:
1- لأن لا نبي بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام.
2- ما كان للوحي أن ينزل على أحد بعد وفاته عليه الصلاة والسلام
3- أن هذا المصحف المزعوم لا وجود له في الواقع.
4- إن الذين قالوا بأن الأئمة قد خولهم الله خاصية بها يخصصون عموم القرآن وبها يقيدون مطلقه أو ينسخون أحكامه بغير طريق الأحاديث النبوية الثابتة فهؤلاء بهذا المعتقد يجعلون الأئمة أنبياء ورسلا. يبلغون الأحكام الشرعية مباشرة عن الله.وهذا يكذب صريح القرآن الذي أخبر أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين. والمعلوم أن من يكذب صريح القرآن فقد كفر.
كما أن ثقافتنا الشرعية ومن خلال أول مصدرها وهو القرآن الكريم نعلم أن كلام الله محفوظ بالتواتر منذ أن نزل على محمد صلى الله عليه وسلم إلى أن تقوم الساعة.( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) الحجر 15
تحريف القرآن:
أجمعت أغلب مراجع الشيعة على تحريف القرآن. فوضع الميرزا حسين النوري الطبرسي كتابا باسم: "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب"
جاء فيه عن تحريف القرآن: " اعلم أن تلك الأخبار منقولة عن الكتب المعتبرة التي عليها معول أصحابنا، في إثبات الأحكام الشرعية والأثار النبوية"([4]). إن مثل هذا الافتراء على كتاب الله لا يقول به الإمام كاشف الغطاء في كتابه أصل الشيعة وأصولها ولا يقول به العلامة الطبطبائي في تفسيره. ولا الطوسي في تفسيره. ولكنهم لا يقفون من الطبرسي موقف المتفرج فحسب بل يوثقونه ويرون أنه الثقة الصدوق، وأنه وحيد عصره في العلم، ومعرفة الأخبار والآثار، وفي علم الحديث والرجال.
قال ذلك محسن الأمين في كتاب أعيان الشيعة، ووثقه الشيخ كاشف الغطاء في كتاب مقدمة كشف الأستارص 24 والشيخ محمد حرز الدين في كتاب معارف الرجال، وغيرهم كالتبريزي والقمي.
فما الهدف من وراء هذا الصمت التاريخي المطبق؟ فإذا كان القول بالتحريف مدسوس عليه فالمطلوب الجهر بالحق وتبيان الصواب. ولكن شيئا من هذا لم يقع.
أما الإمام محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالشيخ المفيد فيقول: " إن الأخبار قد استفاضت عن أئمة الهدى، من آل محمد باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه، من الحذف والنقصان"([5])
والشيخ المفيد مع قوله هذا بتحريف القرآن " يوثقه علماء الشيعة" فيقول عنه النجاشي:" إنه شيخنا وأستاذنا وفضله أشهر من أن يوصف في الفقه والكلام والرواية والثقة والعلم." ([6])
وفي خاتمة الرسائل للحر العاملي يقول عنه ابن المطهر: " إنه أوثق أهل زمانه وأعلمهم انتهت إليه رئاسة الإمامية"
وفي كتاب تحفة العوام ص 422 والذي يمثل فتاوى ستة من مراجع الشيعة منهم الخميني والخوئي وشريعتمداري حسب ما جاء في هذا الكتاب نجد هذا الدعاء: " اللهم العن صنمي قريش، وجبتهما، وطاغوتهما، وإفكيهما، وابنتيهما، اللذين خالفا أمرك، وأنكرا وحيك، وجحدا وعصيا رسولك، وقلبا دينك، وحرفا كتابك، وأحبا أعداءك"([7])
وحديث الشيعة عن تحريف القرآن يطول والأمثلة على ذلك كثيرة.
إنني هنا فقط أبين بالأمثلة الواقعية مدى الضرورة الملحة للمسلمين بالتعرف على ثقافتهم الشرعية انطلاقا بالمعرفة بالقرآن الكريم والسنة النبوية وسيرة الصحابة الكرام الذين زكاهم الله تعالى جميعا فقال وكلا آتينا الحسنى. وكذا المعرفة الدقيقة بعلوم القرآن وعلوم الحديث، وكذا باقي العلوم الشرعية بما فيها علم التاريخ والتشريع الإسلاميين التي من شأنها أن تحصن الفرد من أن ينساق وراء المغرضين الذي يطمحون لخلق فتن تأتي على الأخضر واليابس. فيخسر الإنسان عقيدته وبخسرانها يخسر الدنيا والآخرة.
[1] - يتضح من جملة " عن عدة من أصحابنا" كما هو ثابت عند الشيعة أنهم لا يهتمون بالسند. وهم أصلا ليسوا في حاجة إلى سند بما أن أغلبهم يقول بعصمة الأئمة.
[2] - يقصد بأبي عبد الله الإمام جعفر الصادق، وقد أثبت المحققون أن الشيعة قد كذبوا عليه ولفقوا له أكاذيب هو منها براء كتحريف القرآن وعصمة الأئمة... وقد كانت تجمعه بالإمام مالك علاقة طيبة كما يقول أبو زهرة في كتابه عنه.
[3] - عبد الهادي الصالح، تعال نتفاهم، ص: 36.
[4] - الميرزا حسن النوري الطبرسي، فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب، ص 252، طبعة إيران
[5] - محمد بن النعمان ( الشيخ المفيد)، أوائل المقالات، ص: 54، ط: تبريز.
[6] - النجاشي، رجال النجاشي، ص:84 ط: قم.
[7] - أبو بكر وعمر هما المقصودان بصنمي قريش وجبتهما. وأما إفكاهما وابنتاهما فيقصدون بهما عائشة وحفصة.
- محمد بن النعمان ( الشيخ المفيد)، أوائل المقالات، ص: 54، ط: تبريز.
[1] - النجاشي، رجال النجاشي، ص:84 ط: قم.
[1] - أبو بكر وعمر هما المقصودان بصنمي قريش وجبتهما. وأما إفكاهما وابنتاهما فيقصدون بهما عائشة وحفصة.